- الإهدائات >> |
سؤال:حكمالصلاة والسلام على غير الأنبياء
ما حكم القول عليه السلام للصحابي ؟
الجواب:
الحمد لله
استعمال لفظ " عليه السلام " لغير الأنبياء ، فيه خلاف بين أهلالعلم ، ملحق بخلافهم في الصلاة عليه انفرادا ، والراجح جوازه إذا فعل أحيانا ، ولميتخذ شعارا ، يخص به صحابي عمن هو أفضل منه .
وقد بسط ابن القيم رحمه اللهالكلام على هذه المسألة في كتابه : "جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خيرالأنام صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ، ونسب القول بالكراهة إلى ابن عباسوطاووس وعمر بن عبد العزيز وأبي حنيفة ومالك وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وأصحابالشافعي .
ونسب القول بالجواز – نقلا عن القاضي أبي يعلى – إلى : الحسن البصريوخصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير . قال وهو قولالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وأبي ثور ومحمد بن جرير الطبري.
وساق للمانعينعشرة أدلة ، وللمجيزين أربعة عشر دليلا ، وانتهى إلى قوله : " وفصل الخطاب في هذهالمسألة أن الصلاة على غير النبي إما أن يكون آله وأزواجه وذريته أو غيرهم ، فإنكان الأول ، فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وجائزةمفردة .
وأما الثاني : فإن كان الملائكة وأهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهمالأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضا ، فيقال اللهم صل على ملائكتك المقربين وأهل طاعتكأجمعين .
وإن كان شخصا معينا أو طائفة معينة كُره أن يتخذ الصلاة عليه شعاراً لايخل به ، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ، ولا سيما إذا جعلها شعارا له ومنع منهانظيره أو من هو خير منه ، وهذا كما تفعل الرافضة بعلي رضي الله عنه ، فإنهم حيثذكروه قالوا عليه الصلاة والسلام ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه ، فهذا ممنوع ، لاسيما إذا اتخذ شعارا لا يخل به ، فتركه حينئذ متعين .
وأما إن صلى عليه أحيانابحيث لا يجعل ذلك شعارا كما صلي على دافع الزكاة ، وكما قال ابن عمر : للميت صلىالله عليه ، وكما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة وزوجها ، وكما روي عنعلي مِن صلاته على عمر ، فهذا لا بأس به ، وبهذا التفصيل تتفق الأدلة وينكشف وجهالصواب ، والله الموفق " انتهى من "جلاء الأفهام" ص (465- 482).
وقال ابن كثيررحمه الله بعد ذكر الخلاف ملخصا هذا الخلاف : " وأما الصلاة على غير الأنبياء، فإنكانت على سبيل التبعية كما تقدم في الحديث: ( اللهم، صل على محمد وآله وأزواجهوذريته ) ، فهذا جائز بالإجماع ، وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياءبالصلاة عليهم .
فقال قائلون : يجوز ذلك ، واحتجوا بقوله: ( هُوَ الَّذِييُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ) ، وبقوله : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌمِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) ، وبقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةًتُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌلَهُمْ ) ، وبحديث عبد الله بن أبي أوْفَى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلمإذا أتاه قوم بصدقتهم قال: ( اللهم صل عليهم ) وأتاه أبي بصدقته فقال: ( اللهم صلعلى آل أبي أوفى ). أخرجاه في الصحيحين. وبحديث جابر: أن امرأته قالت: يا رسول الله،صل عَلَيَّ وعلى زوجي. فقال: ( صلى الله عليكِ وعلى زوجك ) .
وقال الجمهور منالعلماء: لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة ؛ لأن هذا قد صار شعارا للأنبياء إذاذكروا ، فلا يلحق بهم غيرهم ، فلا يقال: قال أبو بكر صلى الله عليه. أوقال : عليصلى الله عليه ، وإن كان المعنى صحيحا، كما لا يقال: قال محمد عز وجل ، وإن كانعزيزا جليلا ؛ لأن هذا من شعار ذكر الله، عز وجل . وحملوا ما ورد في ذلك من الكتابوالسنة على الدعاء لهم ؛ ولهذا لم يثبت شعارا لآل أبي أوفى ، ولا لجابر وامرأته ،وهذا مسلك حسن.
وقال آخرون: لا يجوز ذلك ؛ لأن الصلاة على غير الأنبياء قد صارتمن شعار أهل الأهواء ، يصلون على من يعتقدون فيهم ، فلا يقتدى بهم في ذلك ، واللهأعلم .
ثم اختلف المانعون من ذلك : هل هو من باب التحريم ، أو الكراهة التنزيهية ، أو خلاف الأولى ؟ على ثلاثة أقوال ، حكاه الشيخ أبو زكريا النووي في كتاب الأذكار ، ثم قال: والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه ؛ لأنه شعار أهل البدع ، وقد نهينا عن شعارهم ، والمكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود . قال أصحابنا : والمعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في اللسان بالأنبياء صلوات الله وسلامهعليهم ، كما أن قولنا: "عز وجل" ، مخصوص بالله سبحانه وتعالى ، فكما لا يقال: "محمدعز وجل" ، وإن كان عزيزا جليلا لا يقال: "أبو بكر -أو: علي -صلى الله عليه". هذالفظه بحروفه.
قال [أي النووي]: وأما السلام فقال الشيخ أبو محمد الجُوَيني منأصحابنا : هو في معنى الصلاة ، فلا يستعمل في الغائب ، ولا يفرد به غير الأنبياء ،فلا يقال : "علي عليه السلام"، وسواء في هذا الأحياء والأموات ، وأما الحاضر فيخاطببه ، فيقال : سلام عليكم ، أو سلام عليك ، أو السلام عليك أو عليكم . وهذا مجمععليه. انتهى ما ذكره .
قلت : وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب ، أنيفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: "عليه السلام"، من دون سائر الصحابة، أو: "كرمالله وجهه" وهذا وإن كان معناه صحيحا ، لكن ينبغي أن يُسَاوى بين الصحابة في ذلك ؛فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه ،رضي الله عنهم أجمعين " انتهى من "تفسير ابن كثير" لقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَوَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواصَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب/56 .
وقال السفاريني : " هل السلام كالصلاةخلافا ومذهبا أو ليس إلا الإباحة فيجوز أن يقول السلام على فلان وفلان عليه السلام ؟
أما مذهبنا [أي الحنبلي] فقد علمت جوازه من جواز الصلاة على غير النبي صلىالله عليه وسلم استقلالا بالأولى . وأما الشافعية فكرهه منهم أبو محمد الجويني فمنعأن يقال فلان عليه السلام . وفرق آخرون بينه وبين الصلاة ، فقالوا : السلام يشرع فيحق كل مؤمن حي وميت حاضر وغائب , فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام , وهو تحية أهلالإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولهذا يقول المصلي : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " انتهى من "غذاء الألباب" (1/33).
وينظر : الأذكار للنووي ص 274 ، مطالب أولي النهى (1/461) ، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2/173) ، الموسوعة الفقهية (27/239).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصلاة على غير الأنبياء تبعاً جائزة بالنص والإجماع لكن الصلاة على غير الأنبياءاستقلالاً لا تبعاً هذه موضع خلاف بين أهل العلم هل تجوز أو لا ؟ فالصحيح جوازها ،أن يقال لشخص مؤمن صلى الله عليه وقد قال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليهوسلم : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَاوَصَلِّ عليهم) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على من أتى إليه بزكاته وقال : (اللهم صلى على آل أبي أوفى ) حينما جاؤوا إليه بصدقاتهم ، إلا إذا اتخذت شعاراًلشخص معين كلما ذكر قيل : صلى الله عليه ، فهذا لا يجوز لغير الأنبياء ، مثل لو كناكلما ذكرنا أبا بكر قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا عمر قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا عثمان قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا علياً قلنا : صلى الله عليه ، فهذا لا يجوز أن نتخذ شعاراً لشخص معين " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والحاصل أنه لا حرج في الصلاة أو السلام علىالصحابي منفردا أحيانا ، بأن يقال : أبو بكر عليه السلام ، أو علي عليه السلام ،بشرط ألا يتخذ ذلك شعارا يخص به صحابي دون من هو أفضل منه .
والله أعلم .
منقول للفائدة من موقع الاسلام سؤال وجواب
جزاك الله خير
حِيْن " يَتَعَمَّد آَلَآَخِرَيْن " فَهْمِك بِطَرِيْقَة خآطَئِهلآتُرْهِق نَفْسَك بُآلتَبْرِيّر !فَقَط ..[ آَدَر ظَهْرَك وآسْتَمَتّع بِآَلْحَيَآة ] ..
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)