- الإهدائات >> |
بسم الله الرحمن الرحيم
ام موسى المتوكلة
تحت صرخات امرأة ذُبح ابنها، فتحت أيارخا زوجة عمران الباب، بعدأن ابتعدت
أقدام جنود فرعون، واختفت ضحكاتهم الوحشية، ومضت إلى جارتها،
التىكانت أقرب إلى الموت منها إلى الحياة، تخفف عنها آلامها، وتواسيها فىأحزانها.
كان بنو إسرائيل فى مصر يمرون بأهوال كثيرة، فقد ضاق بهم "فرعون"،
وراح يستعبدهم ويسومهم سوء العذاب؛ نتيجة ما رأى فى منامه من رؤياأفزعته،
فدعا المنجِّمين لتأويل رؤياه، فقالوا: سوف يولد فى بنى إسرائيل غلاميسلبك المُلك،
ويغلبك على سلطانك، ويبدل دينك. ولقد أطل زمانه الذى يولد فيهحينئذٍ.
ولم يبالِ فرعون بأى شيء سوى ما يتعلق بملكه والحفاظ عليه، فقتل الأطفال
دون رحمة أو شفقة، وأرسل جنوده فى كل مكان لقتل كل غلام يولد لبنى إسرائيل .
وتحت غيوم البطش السوداء، ورياح الفزع العاتية، وصرخات الأمهات وهن يندبن
أطفالهن الذين قُتِلوا ظلمًا، كان الرعب يسيطر على كيان زوجة عمران، ويستولى
الخوف على قلبها، فقد آن وضع جنينها وحان وقته، وسيكون مولده فى العامالذى
يقتل فرعون فيه الأطفال.
واستغرقت فى تفكير عميق، يتنازع أطرافه يقينالإيمان ولهفة الأم على وليدها،
ووسوسة الشيطان الذى يريد أن يزلزل فيها ثباتالإيمان، لذلك كانت تستعين دائمًا باللَّه،
وتستعيذ به من تلك الوساوس الشريرة .
ولما أكثر جنود فرعون من قتل ذكور بنى إسرائيل قيل لفرعون:
إنه يوشك إناستمر هذا الحال أن يموت شيوخهم وغلمانهم، ولا يمكن لنسائهم
أن يقمن بمايقوم بهالرجال من الأعمال الشاقة فتنتهى إلينا، حيث كان بنو
إسرائيل يعملون فى خدمةالمصريين فأمر فرعون بترك الولدان عامًا وقتلهم عامًا،
وكان رجال فرعون يدورونعلى النساء فمن رأوها قد حملت، كتبوا اسمها،
فإذا كان وقت ولادتها لا يولِّدهاإلا نساء تابعات لفرعون . فإن ولدت جارية تركنها،
وإن ولدت غلامًا؛ دخل أولئكالذباحون فقتلوه ومضوا. ولحكمة اللَّه -تعالى وعظمته-
لم تظهر على زوجة عمرانعلامات الحمل كغيرها ولم تفطن لها القابلات ،
وما إن وضعت موسى - عليهالسلام-
حتى تملكها الخوف الشديد من بطش فرعون وجنوده، واستبد بها القلق
علىابنها موسى، وراحت تبكى حتى جاءها وحى اللَّه عز وجل آمرًا
أن تضعه داخل صندوقوتلقيه فى النيل. قال تعالي:
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَىأَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَاتَخَافِى
وَلَا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَالْمُرْسَلِينَ) [القصص :7].
وكانت دار أم موسى على شاطئ النيل،فصنعت لوليدها تابوتًا وأخذت ترضعه،
فإذا دخل عليها أحد ممن تخافه، ذهبت فوضعتهفى التابوت، وسَيرَتْهُ فى البحر،
وربطته بحبل عندها.
وذات يوم، اقترب جنودفرعون، وخافت أم موسى عليه، فأسرعت ووضعته
فى التابوت، وأرسلته فى البحر، لكنهانسيت فى هذه المرة أن تربط التابوت،
فذهب مع الماء الذى احتمله حتى مرَّ به علىقصر فرعون. وأمام القصر توقف
التابوت، فأسرعت الجوارى وأحضرنه، وذهبن به إلىامرأة فرعون،
فلما كشفت عن وجهه أوقع اللَّه محبته فى قلبها، فقد كانت عاقرًا لاتلد.
وذاع الخبر فى القصر، وانتشر نبأ الرضيع حتى وصل إلى فرعون،
فأسرع فرعوننحوه هو وجنوده وهمّ أن يقتله، فناشدته امرأته أن يتركه،
وقالت له: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَاتَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ
وَلَدًا وَهُمْ لَايَشْعُرُونَ) [القصص: 9].
كاد قلب أم موسى أن يتوقف، فهى ترىابنها عائمًا فى صندوق وسط النهر،
ولكنَّ الله صبرها، وثبتها، وقالتلابنتها:
اتبعيه، وانظرى أمره، ولا تجعلى أحدًا يشعر بك. وكان قلبها ينفطر حزنًا
على مصير وليدها الرضيع الذى جرفه النهر بعيدًا عنها
(وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِىبِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَايَشْعُرُون)
[القصص: 10-11].
فرحت امرأة فرعون بموسى فرحًاشديدًا، ولكنه كان دائم البكاء، فهو جائع،
ولكنه لا يريد أن يرضع من أية مرضعة،فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون
امرأة تصلح لرضاعته، فلما رأته أخته بأيديهمعرفته، ولم تُُظِْْهِْر ذلك،
ولم يشعروا بها، فقالت لهم: أعرف من يرضعه. وأخذتهإلى أمه.
( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِالْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍيَكْفُلُونَهُ لَكُمْ
وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ. فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَىتَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ
حَقٌّوَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[القصص: 12-13].
هذا هو القدر الإلهى يظهر منه ومضاتليتيقن الناس أن خالق السَّماوات والأرض
قادر على كل شيء: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَيَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].
وما إن وصل موسى -عليهالسلام- إلى أمه حتى أقبل على ثديها، ففرحت الجوارى
بذلك فرحًا شديدًا، وذهبالبشير إلى امرأة فرعون، فاستدعت أم موسى،
وأحسنت إليها، وأعطتها مالا كثيرًا - وهى لا تعرف أنها أمه-، ثم طلبتْ منها
أن تُقيم عندها لترضعه فرفضتْ، وقالت :
إن لى بعلا وأولادًا، ولاأقدر على المقام عندك، فأخذته أم موسى إلى بيتها،
وتكفلت امرأة فرعون بنفقات موسى. وبذلك رجعت أم موسى بابنها راضية مطمئنة،
وعاش موسى وأمه فى حماية فرعون وجنوده، وتبدل حالهما بفضل صبر أم موسىوإيمانها.
ولم يكن بين الشدة والفرج إلا يوم وليلة، فسبحان من بيده الأمر، يجعللمن اتقاه
من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا.
اللهم فرج همومنا وهموم كلمكروب
بارك الله فيك
حِيْن " يَتَعَمَّد آَلَآَخِرَيْن " فَهْمِك بِطَرِيْقَة خآطَئِهلآتُرْهِق نَفْسَك بُآلتَبْرِيّر !فَقَط ..[ آَدَر ظَهْرَك وآسْتَمَتّع بِآَلْحَيَآة ] ..
جزاك الله كل خير
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)