رمضان له خصوصية
وتقول منى رجب (وهي داعية إسلامية): إن شهر رمضان له خصوصيةٌ، وفضله من الناحية الدينية والروحانية كبير، وأكدَت أنها لا تشغل نفسها في رمضان إلا بالعبادة، ويعطيها الصيام متسعًا من الوقت يمكِّنها من قراءة القرآن أكثر من مرة، ولا يتوافر ذلك بعد رمضان، وتعطي منى مثالاً جميلاً للمرأة المسلمة في ليلة العيد؛ حيث تقول: إنها تحرص كل عام على إقامة هذه الليلة والتقرب إلى الله في تلك الليلة المباركة.

زيارة المقابر!!
وتقول سناء إبراهيم (موظفة) إن قدوم العيد مباشرةً بعد رمضان يلعب دورًا في انشغال الناس عن العبادات؛ حيث إنه ومن الساعات الأولى لأول أيام العيد تظهر الكثير من الأمور التي تُلهي الناس وتُنسيهم ما كانوا عليه قبل يوم واحد فقط، فزيارة المقابر بعد صلاة العيد، ومن ثم يستريحون قليلاً لتبدأ بعدها جولة قد تستمر لأيام في زيارة الأقارب والأهل، وخاصةً الذين يقطنون في أماكن بعيدة.

الحياة تأخذنا بعيدًا!!
أما منى منصور (وهي ربة منزل) فتقول: إن الحياة تأخذ الإنسان بعيدًا بعد رمضان، ومشاكل البيت تعكِّر صفو النفس، ورغم ذلك فهي تحرص على بعض الأعمال الخيرية الثابتة، مثل كفالة الطفل اليتيم.

وعن ليلة العيد تقول منى إنها تحاول إقامة هذه الليلة والتقرب إلى الله فيها، لكنَّ ظروف الحياة- كما تقول- تُلهيها أحيانًا عن تلك الليلة، بالتزامات البيت والأولاد وتجهيز الكعك والبسكويت و.. إلخ.

الالتزام الاجتماعي!!
وترى الدكتورة منى محمد (أستاذ علم الاجتماع) أن طبيعة الإنسان تميل للعمل الجماعي، إما للتقليد وإما لمجاملة الناس، وهو ما نسميه "الالتزام الاجتماعي"، وتعطي مثالاً بعض الأشخاص الذين لا يصلون في الأيام العادية إلا أنهم يذهبون لصلاة الجمعة، وذات الأمر ينطبق في رمضان؛ فالذي لم يكن يصلي يرى الناس يصلون ويقرأون القرآن ويتوجَّهون للمساجد؛ فهناك مَن يتحرك عندهم الدافع الديني، ويظهر نوعًا من الخجل من الناس، وآخرون يتوبون ويعودون لله بصورة فعلية، ويستمرون في العبادات بعد رمضان.

كما أن الإنسان يتأثر بصورة كبيرة بالمحيطين به؛ فالطقوس الدينية والعادات والتقاليد الخاصة برمضان تسيطر على الإنسان، وتجعل التقرب لله يزداد، وتجعله وبصورة عفوية يسلك سلوكًا متدينًا، وإن اختفى أو قل هذا الالتزام كأن يصلي في البيت.

كيفية المداومة على العمل الصالح بعد رمضان
يُرجع الأستاذ الداعية عمرو خالد في سلسلته (كلام من القلب) الأسبابَ التي تجعل الشباب لا يحسُّون بالمسئولية أو لا يريدون أن يتحملوها: "لدينا مجموعةٌ نقاط محددة هي سببٌ لعدم وجود أهداف في الحياة ذكرتموها أنتم، وهي: ضعف الهمة، وفقدان الثقة في النفس، وغياب القدوة، وفقدان الطموح بسبب الوساطة".

وإذا أردتي- أختاه- المحافظةَ على العمل الصالح والمداومة عليه بعد رمضان فعليكِ بالآتي:
أولاً: العزيمة الصادقة على لزوم العمل، والمداومة عليه أيًّا كانت الظروف والأحوال، وهذا يتطلَّب منكِ تركَ العجز والكسل.


ثانيًا: القصد في الأعمال، ولا تحمِّل نفسَك ما لا تطيق؛ ولذا يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلت".. فمن حافظَت على قراءة جزء من القرآن كل يوم؛ ختمتْه في شهر، ومن صامَت ثلاثة أيام في كل شهر فكأنها صامت الدهر كلَّه، ومَن حافَظَت على ثنتي عشرة ركعة في كل يوم وليلة بنى الله لها بيتًا في الجنة.. وهكذا.

ثالثًا: استحضري ما كان عليه أسلافُنا الأوائل، فهذا حبيبك محمد- صلى الله عليه وسلم- تخبرنا أم المؤمنين عَائِشَةُ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً" (رواه مسلم) وترك صلى الله عليه وسلم اعتكافًا ذات مرة، فقضاه صلى الله عليه وسلم في شوال.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلالٍ عِنْدَ صَلاةِ الْفَجْرِ: "يَا بِلالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلامِ فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ" قَالَ:"مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ" (رواه البخاري ومسلم). إن معرفة مثل هذه الأخبار تدفعك إلى المداومة على العمل الصالح، ومحاولة الاقتداء بنهج السلف الصالح.