رثاءً للأخلاق التي تموت بعد رمضان, رثاءً للقرآن العظيم الذي لن يُقرأ إلا في رمضان, رثاءً للإسلام في مسلمين ومسلمات عبدوا الله في رمضان ونسوا أن ربَّ رمضان هو ربُّ باقي الشهور, أدعوكِ أختي المسلمة لوقفةٍ مع النفس لكي نحاسب أنفسنا.

أختاه.. انتهى رمضان وجاء العيد، وفي ليلته خرج الشيطان من حبسه, خرج يبحث عمَّن كان يلعب بهم قبل رمضان, خرج يبحث عمَّن كانوا في غفلة, فأفاقوا في رمضان, خرج يبحث عمَّن كان عاصيًا يفعل الكبائر, فاستغفر الله, فغفر له وتاب عليه, خرج يبحث عن المسلمين.

وأنتِ أيتها المسلمة, يا من غفر الله لكِ ذنوبكِ, وبدَّلها لكِ بحسنات, هل نسيتِ صلاتكِ؟ هل نسيت قرآنك؟ هل نسيتِ المسجد؟ هل نسيت قيامك؟ هل ضيعت أغلى منحة أعطاها الله لك في رمضان؟!

أنت وحدكِ من يستطيع الرد على هذا السؤال، انتهى رمضان.. فماذا بعد ذلك؟! ظهر هلال شهر شوال وغدًا العيد أين أنتِ؟! هل تقومين الليل ولو حتى بركعتين خفيفتين؟ هل ستحرصين على قراءة القرآن مثلما كنت تفعلين في رمضان؟ هل ستتصدقين ولو بشق تمرة؟ أختاه هل سيزال لسانك رطبًا بذكر الله؟!

هل المغفرة تكون فقط في رمضان؟!
تقول نوال حسن (وهي مدرسة وأم لطفلين): "الناس يعتقدون أن الأجر والثواب والمغفرة تكون فقط في رمضان؛ لذلك فإنهم يضاعفون من أعمال البر والصدقات في هذا الشهر، وينقطعون عنها بانتهائه؛ فما قاموا به سيكفِّر عنهم ما سيتهاونون فيه في الأيام المقبلة!!".

وتضيف نوال أنها تحاول أن تستمر بعد رمضان بنفس الروح الإيمانية الخاصة برمضان، لكنَّ مشاغل الحياة تلهيها عما كانت تحرص عليه في رمضان من عبادات.

للإعلام نصيبٌ في انتشار الظاهرة
تحمِّل الطالبة نجوى محمد (الطالبة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر) المسئولية لوسائل الإعلام؛ لأنها لا تعالج القضايا الدينية والاجتماعية إلا في رمضان، وتحصرها في ثلاثين يومًا، كما لو أنها اتفاقيةُ عمل محدود، بل وتُخصص لها ركنًا خاصًّا في أوقات غير مناسبة، نكون إما في الدراسة أو العمل، في حين أن الأوقات التي تكون فيها كل العائلات مجتمعةً يعرضون عليهم المسلسلات الفارغة من أي معنى.

وتضيف نجوى: "لقد استمعت لمحاضرة دينية هذه الأيام، وكان كلام المحاضر كله حول 30 يومًا من رمضان.. قراءة القرآن في رمضان، التراويح في رمضان، الصدقات في رمضان، غض البصر في رمضان، ولكن أن نحافظ على هذه الأعمال بعد رمضان فهذا لم يتطرق إليه، مع أنها بالأهمية بمكان".

انخفاض الروحانيات
وتقول إيمان نبيل (مهندسة): "لا أستمر في العبادات بنفس المستوى بعد رمضان بسبب الانشغال بالعمل، وانخفاض الروحانيات، كما أن وقت العمل في رمضان يكون أقل من الأيام الأخرى بعد رمضان؛ مما يعطي فرصةً للعبادة وهذا لا يتوافر بعد رمضان".

وعن ليلة العيد تقول إيمان إنها تستعد في هذه الليلة ليوم العيد بتنظيف اليوم وبتجهيز ملابس أطفالها الجديدة، وتعترف بأنها تنسى في تلك الليلة ما كانت تحرص عليه طوال رمضان.