بسم الله الرحمن الرحيم

مفيش أكتر من الحمير عندنا

فهذا الحيوان الصبور الوديع الذي طالما احتمل قساوة بني ادم
وقرفهم صابرا محتسبا لايشكو ولايتذمر رغم كل هذه المزايا
ومزاياه الاخرى العديدة التي يمتلكها لم يحظى بنفس التكريم
الذي حظيت به زميلته البقرة عند بني الهندوس فهي تتنقل
وتتمحطر وتتدلع في بلادها محاطة بالاكبار والاجلال والتقديس
والتبجيل - والعياذ بالله يعنى - بل وقد يضعونها في مقام اعلى
مما يضعون به الانسان نفسه

بينما هذا الحيوان المسكين لايلقى مننا الا كل اذلال واهانة
واحتقار في الرايحه وفي الجايه وهو ان اراد صاحبه ان يمتطيه
او يتعامل معه فسيعامله بكل ما يستحق من دونية لم يختر
المسكين ان يضع نفسه بها ولكننا اخترناها له رغم انفه
وسيرى من هذا الصاحب انواع التعذيب من جلد وضرب مبرح
فلا جمعيات حماية حقوق حيوان تحميه ولاهم يحزنون

فهي لم توجد لبني الانسان اصلا فهل يتم ايجادها لبني الحمير
دى حاجه عجيبه اوى .

هذا الحيوان تجده في كل مكان وهو يعترض طريقك في كل
المدن مهما كان مبلغ رقيّــها ولاندري ان كنا نحن الذين نعمل
على بقاءه والحرص على عدم انقراضه



ام هو اصرار منه على الحياة وحب البقاء هما اللذان يدفعانه
على ان يكون موجودا بيننا فهو كالاشجار البرية لايهمه قساوة
الظروف التي يعيش فيها فهو يعيش في كل مكان وتحت كل ظرف

كل هذا جعل الحمار يشمخ معتزا مفتخرا بعافيته بين
اقرانه وزملائه من بقية الانعام الاخرى اذ انه برغم هذا الاهمال
فهو افضل منها عافية ولله الحمد فلم نسمع يوما ما ببرد الحمير
او سل الحمير او ايدز الحمير مثلما نسمع عن الطيور
والابقار والخنازير من صفات مرضية حملت اسمائها بامتياز .

وكما أن للحمار حضور واسع على صعيد الحياة فله حضوره
ايضا على صعيد التاريخ كحمار جحا الغني عن التعريف فهو له
مع صاحبه صولات وجولات حيث ساهم هذا الحمار مع صاحبه
جحا وابنه بأن ينتج هولاء الثلاثة من خلال قصتهما المشهورة
مثلا عظيما هو( رضـا النـاس غـاية لاتـدرك)

ومن الشخصيات االادبية والتي كان للحمار حضورا بارزا في
كتاباتها هو الاديب الكبير توفيق الحكيم فلطالما استخدم الحكيم
في كتاباته هذا الحيوان الوديع كشخصية ذات دلالة لاتخفى على
أحد الى الحد الذي اطلق عليه في الادب العربي تسمية حمار الحكيم .

غير ان في هذا الحيوان اللطيف خصلة سيئة رغم كل حسناته
التي ذكرناها انفا لااستطيع الدفاع عنها فهي تهمة مؤكدة
بامتياز له ومن دون نقاش الا وهي نهيقة والذي حاز بسببه
لقب انكر الاصوات عن جدارة واستحقاق ولقد وصل الامر الى
درجة ان ورد ذم هذا الصوت في القران الكريم بأعتباره أنكر الاصوات .

وللحمار في حياتنا حضورا اخر فهو يستخدم مقياسا تقييما
لكثير من الناس سواء على مستوى العقول او على مستوى
الاخلاقيات فلو أردنا ان نذم بعض الاصوات الادمية يحضر
وصفنا هنا الحمار لنشبه اصواتهم بصوته لما يمتاز به هذا
الصوت من نشاز وقبح رغم ان هذا الحيوان لايطلق صوته
باستمرار كبقية الحيوانات مثل القطط والكلاب والطيور على
انواعها او كما يستعمل سائقوا السيارات عندنا (الكلاكسات)
وكأنها شرط من شروط انه يبقي سواق تمام .

فهذا الحيوان المظلوم لا يظهر هذا الصوت المنكر والقبيح الا في
حالة واحدة تقريبا فعندما تلتقي هذه الحمير في ما بينها اوعندما
يشم بعضها ريح بعض ولو عن بعد فهي حينئذ تنخرط في نهيق
متبادل يصدح في اجواء الاثير تسمع كل ذي سمع ولها قدرة
عجيبة على الاستمرار بالترحيب ببعضها البعض باشكال مختلفة
من شم ولحس وعض هو اشبه بالقبلات منه بالقضم ولأوقات
قد تطول أو تقصر خصوصا اذا لم تجد من يمتطيها او يؤذيها.

واحنا والحمير لنا مشتركات عديدة منها ان اصحاب المنطق
منهم ارسـطوا وجماعته يربطون بيننا وبين الحمير في
الجنس الاعلى بأعتبار الانسان كجنس هو عبارة عن حيوان
ولكن بما ان هذا الحيوان اصبح ناطقا فأنه دخل في نوع اخر هو
نوع الانسان وترك المسمى حيوان لأخيه الحمار لبقاءه في نفس
جنسه لان مفهوم انسان لاينطبق عليه لكونه غير ناطق حسب
تعبير هولاء المناطقه فلا غرابة اذن ان وجدنا مشتركات سلوكية
بيننا وبين الحمير

وكم مرة يعترف الواحد منا بحماريته فيما لو دفعته غفلته
للوقوع في مطب ما او فيما استغفله الاخرون فتراه سرعان ما
يعترف قائلا بصوت مسموع غير مهموس... انا حمار فعلا ؟؟؟؟

بينما نجد اخرين يفتخرون بهذه الحماريه من خلال وصف
انفسهم بأنهم من اصحاب الجلد والتحمل وأن احدهم في صبره
وتحمله كالحمار بل اشد تحمرا من الحمار نفسه فأنت ان كلفته
بعمل وأشفقت عليه من أن هذا العمل شاق عليه وان يتركه او
على الاقل يمنح نفسه فسحة من الزمن للراحة اجابك بأعتزاز
وتباهي ( ولا يهمك ده انا حمار شغل ..... )
هل ترون ان الحمار هنا مصدر فخر .

لكننا أحيانا نظلم هذا الحمار بأن نتهمه بالغباوة والحمق
والبلادة من خلال تشبيهنا لاشخاص بالحمير في الواقع هم اكثر
غباء وحمقا وبلادة من الحمار نفسه بل اننا نلحق به اساءة
بالغة جدا من خلال تشبيه هولاء الاشخاص به أو نعتهم بأنهم
اخوة للحمير وهي أخوة اتصور انه لو ترك للحمار الخيار فيها
لما قبلها وكم نسمع على مدار ساعات النهار والليل الناس
يشتمون بعضهم بعض بأن يقول الواحد منهم للاخر يابن الحمار
رغم ان في هذه الحياة اناس لايستحق ان يشبه تحمرهم بالحمار نفسه .

ويبدو ان للحمير حظا في السياسة ولقد اتخذته بعض الحركات
والاحزاب السياسية رمزا لها لتؤكد لانصارها انها تمتلك كل
خصال وصفات الحمير وأن لها من الثبات والصبر والمطاولة
والجلد في الخطوب وهذه بالطبع كلها مزايا تنسب بلا فخر
للحمير ولعل ابرز حزب سياسي على المستوى العالمي اتخذ من
الحمار شعارا له هو الحزب الجمهوري الامريكي

ونحن في ازمتنا السياسية وما ولدته من اشكالات يبدو ان حلها
بعيدا ان لم يكن متعسرا وما خلقته من تشنجات وتوترات وربما
انهيارات نفسيه وعصبية لدى العديد من سياسينا

ارى ان لهم في الحمير اسوة حسنة لما تمتاز به من صبر وطول
نفس يفتقده مع الاسف اغلب سياسينا المتهافتين على المناصب
وليتخذوا من زهد وعفة هذا الحيوان الودود في الدنيا وما فيها
مثلا ويجعلوه قدوة لهم في العفاف وأن يراعو الله في اموال
البلاد والعباد ولكي يقتصر مجلس النواب القادم على المخلصين
والمضحين في خدمة الناس وأبعاد الطامعين والانتهازيين من
تجار البشر وأصحاب التباهى والأرننه

فأني اقترح تبديل تسميته مجلسنا الموقر وجعلها تسمية محببه
للنفس لتصبح تسميته الجديدة مجلس الحمير بدلا من
مجلس الشعب ارى في هذه التسمية ابعادا لكل الطامعين
والمنافقين من أن يرشحوا أنفسهم اليه لأن امثال هؤلاء سيبدون
ترفعا وتأففا وربما خجلا لأن اغلبهم من التافهين وأصحاب
المظاهر والتسميات البراقة التي لاتستطيع ولايمكن لها أن تقرن
نفسها بالحمير ظنا منهم انهم أرفع قيمة منها وبأبعاد هولاء
ستتاح الفرصة للمخلصين أن يثبتوا فعلا انهم حمير شغل

ولا أرى انه ليس هناك من داع للخجل من هذه التسمية
لأن جالب الديمقراطية للعالم هم الامريكان ولقد جعله حزبهم
الجمهوري شعارا له فنحن على طريق الاصدقاء سائرون

******************