- الإهدائات >> |
بسبب البواخر التي قرصنتها إسرائيل، نزل جنودها من علٍ وقتلوا بعض راكبيها في طريقهم الى غزّة، عانيت في غرفتي، أمام التلفزيون، من دوار البحر. أصابني غثيان، وصداع نصفي، وكُليّ، ووجع في ظهري، وألم مبرح في معدتي. أمام التلفزيون فحسب وغرفتي على اليابسة وفي عمارة شاهقة ومرصوصة بالباطون المسلّح، يعني لا باخرة تتأرجح، ولا مياه إقليمية أو دولية، ولا أحمل معونات، ولا مساعدات، ولم يُقرب صوبي أحد، أو يقوّص عليّ أحد، او يحتجزني أحد، مع ذلك مرضتُ مرضاً شديداً.
أمام شاشة التلفزيون، أحدّق بعينين جافتين الى المشهد المظلم وقلبي مليء بالخجل. طوال أسبوع على الجريمة الإسرائيلية، توقفّت تقريباً عن تناول الطعام. أمام الشاشة تماماً، أستمع الى تقارير المراسلين عن «قوافل الحرية» تلك، من دون أن أصغي. أو أصغي لكنني لا أفهم. أو أفهم مع ذلك لا أُدرك. رأيت الجنود الإسرائيليين ينزلون من طوافاتهم على ظهور الركاب المسالمين، ثم اشتعلت لعبة القتل. باغتني المشهد فمن النادر جداً ما اسمح لعينيّ برؤية القتل، لكن المشهد باغتني، والآن مريضة وشاحبة لأنني رأيت المشهد، وإذ رأيتهُ، صدّقتهُ.
كنت أعرف أن الجنود يغيرون على ناس السفينة في طريقهم الى غزّة، مع ذلك حانقة، ساخطة ومريضة من هذه العربدة، حانقة ساخطة ومريضة من الشياطين التي تتدحرج من السماء وما من رادع. حانقة ساخطة من كل ما هو عربيّ، ومن حفلة التكاذب المستمرة من دون أن يرتجف لهم جفن. مريضة ويعصف بي دوار بحر وأتألم من عزلة فلسطين، من الظلم والقسوة والموت. فلسطين في غرفتها، محبوسة مثلي تماماً، تقبع أمام مرآة نفسها وسط غيمة من الدخان والقهر، وممنوعة من استراق النظر الى العالم الفسيح. محرومة من الزوّار المؤاسين، زوار البحر والبّر والجوّ. وممنوعة فلسطين من الحكمة، ومن الغباء، ومن اللهفة، ومن الخوف. هل أقسى على مدينة أن تُحرم من خوفها؟
إذا حكيت لكم الآن أنني أسمع أصوات قتلى الباخرة التركية، وأن أنينهم يهدر في صدري، هنا في صدري في غرفتي أمام التلفزيون هل تصدقونني؟ لن أحكي عن أية أصوات ولا عن أيّ أنين فالمشهد سوريالي تماماً، كما أن احداً لا يعرف إن كانت الأموات تُصدر أصواتاً، أو تُثير أية جلبة في الجانب الآخر من الحياة، وفي مقلب الموت الهادئ. على كلّ، بالنسبة لامرأة هستيرية مثلي، فإن سماعي أنين قتلى الباخرة، وما شابه من الأصوات، هو احتمال رغبة قوية عندي بأحد ما، أيّ أحد، يفعل شيئاً من أجل فلسطين، وهذا ليس سيئاً تماماً، وهو الأمر العاقل الوحيد الذي يسكنني.
مشكوووور خيو
وشكرا ليك لاهتمامك بفلسطين
وكلامك الحلو عنها
فلسطين دى يعتبر من اعظم الدول فى العالم اللتى ناضلت حوالى عن قرن من الزمان
وبعدين دى فيها المسجد الاقصى
مررررررررررررررررسي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)