- الإهدائات >> |
طوبِيَّا إسم عبرى معناه ( طيب أو صالح ) أو ( الرب طيب - طوف ياه ) و قد ورد فى مخطوطات قمران فى شكل ( طوبى ) و تعنى فى اللغة السامية ( خيّر ) . أما السبط الذى ينتمى إليه طوبيا فهو سبط نَفْتالي ( نَفْتالي = مصارعتى ) الذى وقع نثيبه فى القسم الشمالى من فلسطين ، و يرجح أن تكون قادش نفتالى هى المدينة التى سكنها طوبيا قبل السبى ، و هى مدينة هامة تقع شمال غرب بحيرة الحولة
لم يلتمس طوبيا العذر لنفسه ، فى أن يسلك كما يسلك بقية أقرانه الذين مالوا بقلوبهم إلى عبادة الأوثان ، و مع أنه تعرض مثلهم للضغط العقيدى الوثنى فى تلك الأيام، إننا نتذكر هنا لوط البار و يوسف الصديق
و طوبيا هنا لا يفتخر ببره و إنما يشهد لإلهه ليصبح قدوة لنسله ، راجع ما قاله نحميا عن نفسه فى أثناء سرد عمل الله معه فى إعادة بناء أسوار أورشليم( إذكرنى يا إلهى بالخير على جميع ما عملته لإجلهم ) نح 5 : 19 ) .
كان على اليهودى أن يذهب إلى الهيكل ثلاث مرات فى السنة ( عيد الفطير و عيد الأسابيع و عيد المظال ) ليقدم هناك عشوره و نذوره و تقدماتهكانت لطوبيا أراضى و مواشى كثيرة ، مما يحتم عليه تقديم باكورات القمح و الزيتون و الفاكهة و صوف الأغنام ( كانت الأغنام تجز فى إحتفال سمى بموسم الجزّ و يقع فى فصل الربيع ) أمافيما يختص بالسنة الثالثة فقد قضت الشريعة بأن يقدم عشر المحصولات كل ثلاث سنوات لللاوى و اليتيم و الغريب ) و هو ما كان طوبيا يفعله فيخصص ذلك للغرباء و النزلاء .
لم يقف طوبيا عند مستوى حفظ الشريعة ، و لم تكن يهوديته نوعا ً من القبلية أو الطائفية ، و لكنه تخطى ذلك إلى السلوك بمقتضى الشريعة .
و فى لمحة عابرة يشير طوبيا إلى الحالة الإجتماعية ، إذ صار يتيما ً و هو لا يزال طفلا ً ، حيث تربى فى كنف جدته دبورة ، ، و كانت إمرأة يهودية تقية علمته الناموس و فرائض الشريعة (لأَِنَّ أَبِي تَرَكَني يَتيماً بَعدَ مَوته )و قد تزوج فتاة من سبطه حسبما تقضى الشريعة و التقاليد و التقاليد ( تك 24 ) و قد كان من الضرورى أن يتزوج إمرأة من سبطه
نقل طوبيا إلى نينوى عاصمة الآشوريين فى ذلك الوقت, و فى نينوى إستقرت جالية يهودية كبيرة في تأثر أفرادها – مع الوقت – بعادات هذه المدينة الوثنية لاسيما فيما يتعلق لالأكل و الشرب ، و لكن طوبيا هنا لا يشترك فى الطعام غير طقسى ، الذى لا تراعى فيه أحكام الناموس. فقد حرّمت الشريعة الإشتراك فى أطعمة الأمم ( راجع لا 11 ، تى 14 ، دا 1 : 9 ) إذ يعّد الإشتراك فى طعام الأمم ، مظهرا ً من مظاهر الإشتراك فى عباداتهم
و قد نال طوبيا نعمة فى عينى الملك ، و قد يعنى هذا أنه كان من مشاهير اليهود هناك و له سيرة حسنة ، مما جعل الملك يقربّه إليه و يودعه ثقته ، إذ كلفه بقضاء بعض أموره
و أما عن دفن الجثث
و هو اهم ما اشتهر به طوبيا ,فقد كانت عادة الملوك الآسرين قديما ً ، تعريض جثث الهاربين أو المحاولين الهرب ، دون دفن ، ذلك لكى يراها المارّة ، إلى الحد الذى يعرضها للإهانة و النهش من الوحوش و الجوارح
و قد كانت هناك ثلاثة أسباب ، تدفع طوبيا إلى دفن الجثث ، أولها العمل بموجب الشريعة ، و ثانيها الشفقة التى يمليها عليه ضميره و حسّه المرهف ، و الثالث الخشية من أن تضعف قلوب أولئك اليهود الذين يشاهدون القتلى من جنسهم .
إلا أن غيرة طوبيا فى هذا العمل ، قد عرضته لتجارب متنوعة ، أولها المتاعب التطهيرية ، أى ما يحيط بدفن الميت من قيود ، إذا يعتبر نجسا ً كل من لمس ميتا ً ، بل و يبقى فى نجاسته مدة أسبوع كامل يتطهر خلاله فى اليومين الثالث و السابع
و ثانى هذه المتاعب ، هو تعرضه للقتل و المطاردة من السلطات الحاكمة ، التى إعتبرت عملية دفن الجثث ، أمرا ً يعطّل مقاصدهم من تركها بدون دفن ، لاسيمّا و أن سنحاريب كان عائدا ً لتوه من كسرة عظيمة بعد أن قتل الملاك الرب من جيشه 185 ألفا ً .. فعاد يحنق بشدة على اليهود فى مملكته
أما ثالث هذه المتاعب ، فهو تعرض طوبيا نفسه للسخرية من أهله و أصدقائه ، لاسيما زوجته التى عانت كثيرا ً من إضطهاد الحكام لزوجها .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)