- الإهدائات >> |
مصر المستقبل
بقلم : محمد علي إبراهيم
رئيس تحرير جريده الجمهوريه
عيد الحب المزيف
يستفزني الاحتفال بعيد الحب كل عام.. عفواً لماذا لا يطلقون عليه عيد الكراهية أو عيد الحقد أو عيد الزُنب وهي جمع زنبة التي أصبح المصريون متخصصين فيها.. لقد نسي المصريون الحب.. وهذا شيء أكيد.. الحب أساس أشياء كثيرة في الكون.. فمنه خرجت الشهامة والجدعنة.. ومن فروعه نبتت أغصان الود والعلاقات العامة.. ومنه أيضا ظهرت الصداقة والمجاملات.
نحن لا نعيش زمن الحب ولا الشعور.. نحن في زمن المصلحة.. أفضل وصف له أن يكون عيد المصلحة.. المصالح تتصالح.. الناس تتكلم عن الحب وفي ذهنها الجنس.. محلات بيع الورود والقلوب الحمراء والدباديب تروج للمشاعر المزيفة.
أتحدي أن يكون هناك حب حقيقي بين أبناء أي مهنة.. اذهب إلي طبيب لتشكو من علاج لم ترتح إليه من طبيب آخر. ستجده يبادر بشتم زميله ويقول إنه حمار.. اذهب لمهندس ليبني لك منزلاً أو فيلا أو غير ذلك. واعرض عليه أي رسم هندسي لأحد أصدقائك المهندسين ستجده يعيب فيه وفي عمله ويؤكد لك انه لا يفهم.
الحب عندنا في عالم الصحافة هجر مكانه منذ عشرات السنين.. أصبحنا جميعاً مسلحين بالحقد والحسد.. مداد الأقلام أصبح "زنبا" مغموسة في مداد الغيرة.
عن أي حب يتحدثون.. هذا زمن البغضاء والكراهية.. الآن أتذكر صديقي وحبيبي الراحل محمد حامد حسن فقد كان دائم التندر علي من يدعون الاخلاص والحب والزلفي للمسئولين ويقول: "ياصالح.. الدنيا مصالح" وأسأله إذا كانت الدنيا مصالح فمن هو صالح..؟ ويرد بابتسامته: صالح هذا هو شخص افتراضي وهو ضميرنا الذي مات! كل منا يقدم علي فعل الخطأ ويبرره ل "صالح" قائلا إن سبب ارتكابنا الغلط ان الدنيا مصالح.
كانت لنا فلسفة خاصة إزاء أهل المصالح وهي انهم دائماً ما يتكلمون مع "صالح" وهو الضمير.. أصحاب المصالح دائماً معذبون.. لا ينامون.. يبررون لضميرهم الكثير. رغم انه مات!
الذين لا يتكلمون مع ضمائرهم أنقياء.. الضمير اليقظ لا يحتاج أن تكلمه.. والضمير الذي دفناه يجعلك تذهب إليه كل حين.. تتذكره كما نتذكر موتانا.. الضمير اليقظ يصاحبنا في حياتنا ونشعر بوجوده إذا كنا من الصالحين.. أما إذا انتقلنا لخانة أصحاب المصالح فقل علينا السلام..
لا يمكن أن يكون شعبنا المصري الطيب الأصيل هو شعبنا الذي نراه هذه الأيام.. جرائم الأرحام زادت عن الحد.. الأبناء يدوسون الآباء والأمهات بالأرجل.. الأمهات يقتلن أولادهن ثمنا لنزوة مع عشيق أو انتقاما من زوج عاجز!
أين الحب والآباء يبيعون بناتهم القاصرات.. المقابل المادي جعل الأب والأم ينسيان المباديء والأخلاق والتقاليد..
أين الحب وباقات الورود التي تجيئك في المناسبات كلها لأناس ترتبط مصالحك بهم أو ترتبط مصالحهم بك..
هناك جلطة كبري في المشاعر.. اعتقد ويعتقد معي كثيرون ان الحب لم يعد في غرفة الانعاش ولكنه توفي لأنه لم يستطع التنفس في زمن أصبحت فيه الابتسامات خناجر.. والضحكات سكاكين مسمومة.. والنفاق والرياء هما أساس كل شيء.
الحب هجر مصر منذ سنوات بعيدة.. قتلته المصالح.. اختفي الانتماء للمدرسة فضعف الانتماء للوطن.. الشعب كله يسأل عن حقوقه.. ولا تسمع أحدا يتكلم عن واجباته.. العواطف كلها توجهت للاستهلاك.. وطالما ان المشاعر أصبحت للاستهلاك فلا تسأل عن الحب.
الحب في مصر صناعي.. الأقسي مرارة انه أصبح مثل يافطات النيون في الشوارع أو اعلانات الطرق.. تجد الناس كلها "تتفرج" عليه ولا تشعر به.. يلفت النظر ثم لا شيء.
في عيد الحب ستري اليوم ورودا حمراء.. وبطاقات ملونة.. ورسائل علي الموبايلات برنات من الأغاني الرومانسية.. لكنها كلها أصبحت في نظري مثل "الكفن" الملفوف بورق الهدايا المصقول.. تابوت ملون.. نعش تزفه موسيقي هادئة لأن المدفون بداخله توفي فجأة بدون نعي في الصحف.
أكرر مرة أخري انه عيد النفاق والكذب والخداع.. وقد لخصه أحد الشباب الروش في نكتة تعبر عن المرارة التي يعيشها الناس من هذا العيد. عندما قال: "هو عيد الحب كام ركعة"!!
هذا هو مستوي تفكيرنا في هذا الشعور النبيل!
ما هو رأيكم فى وجهه نظر الكاتب
هل هى ايجابيه ام سلبيه!!
تعجز يدي عن التصفيق من فرحتي بالموضوع
ويعجز لساني عن شكرك من جمال الموضوع
تقبل مروري
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)