- الإهدائات >> |
حال المؤمن بعد رمضان
تحدث في هذه المحاضرة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي عن أسباب تراجع الهمم بعد رمضان، وعن الحال التي ينبغي أن يكون عليها المؤمن بعد هذا الشهر الكريم، مرشدا إلى وسائل المداومة على طاعات الله جل وعلا...
مقدمة
عبد الصمد ناصر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعيدكم مبارك سعيد، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ} ولقد خُلِق الإنسان في كَبَد ووُصِف بأنه كادحا إلى ربه كدحا فملاقيه وخاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم قائلا {فَإذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وإلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} فلماذا تكل الهمم بعد رمضان؟ وكيف لمن ذاق حلاوة الطاعات في رمضان أن يتكاسل عنها بعده؟ وكيف نجعل من السنة كلها رمضان؟ أرأيتم إلى التجار إذا ما انتهى عامهم بادروا إلى جرد حساباتهم وبضائعهم، هكذا حال المؤمن مع الله.. إنه يحقق معنى حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن تُوزن عليكم وإذا كان رمضان مدرسة كما نردد دائما فبماذا خرج منها الدارسون؟ وكيف سيكون صنيعهم بما تعلموه فيها؟ حال المؤمن بعد رمضان هو موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، فضيلة الشيخ كل عام وأنت بخير.
أسباب تراجع الهمم بعد رمضان
عبد الصمد ناصر: فضيلة الشيخ بداية يعني رمضان طيلة هذا الشهر نقول بأنه شهر الطاعات شهر المغفرة شهر القرآن شهر الصيام والقيام، هل يقصر الاجتهاد فقط في طاعة الله في الاجتهاد في العبادات فقط على هذا الشهر حتى نرى ما نراه الآن لدى الكثيرين حتى لا أقول الجميع طبعا حتى لا نعمم من تقاعس من تراجع وهبوط في العزيمة؟
القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى أهله وصحبه ومن أتبع هداه وبعد قبل أن أجيب عن هذا السؤال أود أن أسدي التهنئة بهذا العيد.. عيد الفطر المبارك إلى إخوتنا هنا في قطر وفي بلاد الخليج وبلاد العرب وإلى المسلمين داخل العالم الإسلامي وخارجه حيثما كانوا في مشارق الأرض ومغاربها سائلا الله تبارك وتعالى أن يهل هلال هذا العيد عليهم بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لمن يحب ويرضى وأن يكون العيد القادم.. أن يأتي عليهم العيد القادم وهم أحسن حالا وأصلح مآلا وأقرب إلى الله وأقرب إلى الوحدة والتضامن وأن يكون يومهم خيرا من أمسهم وغدهم خيرا من يومهم، نسأل الله أن يعود العيد القادم وقد حُلت مشاكل المسلمين أو قاربت على الحل أو تحسن وضعها.. المسلمون في فلسطين والمسلمون في العراق والمسلمون في كشمير الذين أصابهم ما أصابهم على ما هم فيه من البلاء الدائم.. بلاء الزلازل والمصائب وحالتهم حينما يراها الإنسان تحز في النفس حز السكين في اللحم ونسأل الله أن تصبح الأيام القادمة أفضل من الأيام الحاضرة وهذا ما نأمله ودائما ويؤسفنا ما يحدث الآن من أشياء.. أخوتنا في باريس والأماكن الفقيرة وما أصابهم ما أصابهم وما سمعناه من إحراق سيارات ومن الاعتداء على بعض الناس وما قاله وزير الداخلية من أن هذه حثالة وإنه كذا ونرجو أن تُعَالج هذه القضايا من الحكومة الفرنسية وبالاستعانة مع زعماء المسلمين ورؤساء الجمعيات الإسلامية والعلماء الثقات والشخصيات المتزنة بحيث يوضع حد لهذه الأمور، كما يؤسفنا يعني ما حدث في العراق من إخواننا المغاربة أو الشابين المغربيين اللذين اُختطِفا وكما علمنا أنهما يعني من العمال يعني..
عبد الصمد ناصر[مقاطعاً]: سائق وعامل صيانة.
القرضاوي [متابعاً]: واحد سائق وواحد ميكانيكي أو عامل صيانة أو شيء من هؤلاء وهؤلاء يعني كما هي العادة ليس لهم في الطور ولا في الطحين كما يقول المصريون..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: ويعيشان في العراق منذ عشرين سنة..
القرضاوي [متابعاً]: ولا في العير ولا في النفير فنرجو من الشباب الذين اختطفوهم أن يطلقوا سراحهم ويفرجوا عنهم وأن يكون الأمر في هذا، الدماء تؤخذ بالأحوط بالاحتياط، يعني الحديث الشريف يقول يعني "ادرؤوا الحدود ما استطعتم ومن وجدتم له مخرجا فخلو سبيله" ولأن يخطأ الإمام في العفو خير من أن يخطأ في العقوبة لأن لما يعفي عن واحد مش هيضر كثير أنه واحد نجا يعني من العقاب إنما المصيبة أنه يُعاقب إنسان بريء.. يُقتل إنسان، كيف تستدرك مَن مات؟ من قتل خلاص ليس لهذا استدراك أبدا ولذلك لأن يخطأ الإمام في العفو خير من أن يخطأ في العقوبة، فأما السؤال بالنسبة لرمضان وأثر رمضان في الحياة الإسلامية حياة الأفراد وحياة الجماعات وحياة الأمة فأود أن أقول يعني يجب ألا نبالغ في الانتقاد في هذه الناحية، فيه كثير من الناس يغلب عليها دائما الجانب السلبي.. الجانب الأسود، يعني ينظر إلى الحياة بمنظار قاتم.. الأمة كذا والأمة بعد رمضان ضاعت والأمة.. يعني لا هذا رمضان الحقيقة لا زال تأثيره في الأمة يعني قائم ولا تزال الأمة الإسلامية على ما بها من علات أعبد الأمم لله في الأرض لا تجد أمة مثل المسلمين يتعبدون لله طوال رمضان صلاة تراويح وأحيانا صلاة قيام وهناك مَن يجمع بين التراويح والقيام والناس في الحرمين في المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة بالملايين وليس هذا فقط في مكة والمدينة أو المسجد الأقصى.. لا في كل مساجد المسلمين، يعني لو واحد بيطل كده من علو يعني ويشوف الأرض وهي دوائر حول الكعبة يعني تتسع وتتسع إلى أن تشمل الكرة الأرضية كلها في هذا الشهر الكريم، هذا الشهر لم يضع عبثا، لازال يعني أثره في الأمة وأنا يعني أحب أن أكرر هذا بالرغم من أني أعلم أن كثيرا من المسلمين يقل نشاطهم بعد رمضان ولكن..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: هذه الفئة التي نريد أن نتحدث عنها فضيلة الشيخ، يعني لماذا تتراجع الهمة بعد رمضان؟
القرضاوي: هو طبيعي لازم نحدد معنى التراجع.. التراجع أن يقل النشاط عمّا كان في رمضان.. هذا طبيعي لأن إحنا نقول رمضان موسم الطاعات.. متجر المتقين، الموسم مش هيبقى كغير الموسم وإلا أصبحت كل السنة موسم فطبيعي أن يقل النشاط، إنما الذي يعني ننتقده وننكره أن يعني ينقطع الإنسان عن الله بعد رمضان، بعد ما كان يصلي يترك الصلاة، بعد ما كان يقرأ القرآن ما عاد يفتح المصحف، بعد ما كان يحرص على الجماعة ما عاد يذهب إلى..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: أو ربما يعود إلى ما تاب عنه.
القرضاوي [متابعاً]: التكاسل الطبيعي نقبله، إنما الانقطاع هذا هو الذي نرفضه.. نقول له أين أثر الطاعة عليك؟ المفروض أنه علامة القبول، كيف نعرف..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: يعني الحسنة بحسنة.
القرضاوي [متابعاً]: قبول الطاعة؟ نعرفها في سلوك صاحبها بعدها..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: بعد رمضان.
القرضاوي [متابعاً]: إذا كنت واحد راح حج، كيف نعرف أنه حج مقبول؟ جعل الله حجك مبرورا وسعيك مشكورا وذنبك مغفورا، كيف يعني نعرف هذا؟ بأننا نجده بعد الحج أفضل منه مما قبل الحج، إنما إذا كان هو كما كان يبقى ما عملش حاجه برضه، إذا كان الشخص بعد رمضان أفضل مما كان قبل رمضان نقول والله استفاد ولو استفادة قليلة إنما معناها أنه..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: هناك تغير أفضل..
القرضاوي [متابعاً]: يعني ازداد فضلا عما كان، واحد بيزداد درجة واحد يزداد درجتين واحد ثلاثة وواحد عشرة يعني على حسب مستوياتهم، فكان السلف يقولون إن من ثواب الحسنة أن توفق للحسنة بعدها، يعني ربنا يثيبك على الحسنة مش بس بالجنة..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: أن تتبعها بحسنة.
القرضاوي [متابعاً]: أن يوفقك لحسنة أخرى كما قال تعالى {والَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} {ويَزِيدُ اللَّهُ الَذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} {فَزَادَتْهُمْ إيمَاناً} فهذه الزيادة هي ثواب على الحسنة والعمل الصالح الذي عمله ومن العقوبة السيئة أن تعمل السيئة بعدها، هذه عقوبة.. إن العقوبة على السيئة أنك تعمل سيئة فتتراكم السيئات عليك والعياذ بالله، فمن فضل الله أنه الإنسان إذا كان مقبولا قُبل صيامه وقُبل قيامه وقُبل صدقته وقُبل بره بوالديه وقُبل الخيرات التي فعلها في شهر رمضان، علامة هذا القبول أنه يعني يستمر على طاعته ولو كان أقل في درجة النشاط مما كان هذا دليل قبول الشخص عند الله ودليل قبول صيامه وقيامه.
عبد الصمد ناصر: طيب مادمنا نتحدث عن فئة معينة يعني بعينها حول ماذا بعد رمضان، هؤلاء الذين تصيبهم الغفلة بعد رمضان والعياذ بالله أو أنهم لا يتبعون الحسنة بالحسنة، هل هي مسؤولية فردية لكل شخص من باب {أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى} أم هي مسؤولية المجتمع أم مسؤولية مَن؟ مسؤولية الدعاة مثلا الذين يكثرون من التحفيز والترغيب في شهر رمضان ثم يتوارون بعد رمضان؟
القرضاوي: هو رمضان يتميز بإيه؟ أن هناك..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: محفزات مرغبات، نعم..
القرضاوي [متابعاً]: للطاعة وللخير هناك إرادة جماعية وهناك حركة جماعية، حينما تكون الحركة جماعية والإرادة جماعية والرغبة جماعية..
عبد الصمد ناصر[مقاطعاً]: هناك تيار.
القرضاوي [متابعاً]: يسود الخير، الكل بيبقى يريد.. الوعاظ والعبادات والأسرة نفسها والدولة والإعلام، يعني شوف الإعلام على ما نأخذه عليه في رمضان ولكنه يكون في رمضان أفضل من غيره في الشهور الأخرى، كل هذا بيعمل دفعة يعني هو علماء النفس بيقولوا في حاجة أسمها المشاركة الوجدانية والمشاركة الاجتماعية والمحاكاة والتقليد، كل هذا يعني يصب في اتجاه الرغبة في الخيرات وفي عمل الصالحات والتسابق في هذا الأمر، فهذه الرغبة الجماعية والإرادة الجماعية والحركة الجماعية بتُفقَد بعض رمضان.
عبد الصمد ناصر: لماذا؟ هذا السؤال.
القرضاوي: ويصبح الأمر متروك للأفراد وحدهم، الموَّفق هو مَن يجد الإرادة القوية ليستمر ليجعل السنة كلها رمضان ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وسائل المداومة على طاعات الله
عبد الصمد ناصر: نعم يعني هذا السؤال يعني المرغبات في الطاعات ليست فقط قصرا على شهر رمضان التقرب إلى الله نفحات الإيمان حلاوة الإيمان هي أعمال لا تنقطع بعد رمضان وإنما على المؤمن أن يقتفيها، أن يحاول أن يواصل نفس المسير الذي بدأه في رمضان حتى يتذوق حلاوتها في باقي الأيام، كيف السبيل؟ ما السبيل إلى أن يسير في هذا الطريق؟
القرضاوي: هو يعني لابد من توعية الإنسان المسلم بأن الله سبحانه وتعالى يحب الطاعة في كل زمان ويكره المعصية في كل أوان ورب رمضان رب شوال رب ذي القعدة رب جمادى.. الله رب هذه الشهور ورب هذه الأزمنة ورب هذه الأمكنة كلها وأنا قلت كنت أقول زمان مَن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد مات ومَن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، الإسلام يريد أن الإنسان يكون مستمر في طاعته يعني الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" أدومها.. ما دوام عليه الشخص وواظب عليه وإن قل ولكن رغم قلته مادام المواظبة مستمرة فالقليل على القليل كثير ولا ينقطع أبدا، افرض واحد قام هب يعني ليس المسألة هبات كهبات الريح ثم تركد، لا نريدك مستقيما على الطريق دائما يدك في يد الله دائما مستمسكا بالعروة الوثقى أبدا، هذا شأن.. ولذلك القرآن يقول {إنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وإذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعاً} هذه طبيعة الإنسان {إلاَّ المُصَلِّينَ} مش بس المصلين {الَذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} لابد من الدوام.. وفي آخر هذه الصفات وذكر عدة صفات { والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} {والَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} إلى آخره وبعدين آخر شيء قال {والَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} المحافظة عليها بأركانها وآدابها وسجودها وخشوعها، فهذا هو.. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أثبته يعني يثبته ومش يعمله مرة ويسيبه.. لا يثبت العمل فالإسلام يحب من المسلم إذا عمل عملا أن يداوم عليه ويستمر عليه ولو بمجهود أقل، إنما الاستمرار يجعل القليل كثيرا ويجعل القرب من الله موصول دائما، هذا هو المطلوب من كل مسلم.
عبد الصمد ناصر: بالنسبة للبعض الذين يجتهدون في شهر رمضان وربما لا يصلي في سوى رمضان، كما قلت إن رمضان شهر ينقضي والله سبحانه وتعالى رب كل الشهور، كيف نفسر ذلك؟ ماذا تقول لهم فضيلة الشيخ؟
القرضاوي: لا هذا هو الشيء المنكر تماما، إن واحد يصلي في رمضان ويترك الصلاة بعد رمضان.. هذا يعني لا يجوز، هذا دليل على أن صيامه مغشوش ومدخول لأنه الصلاة عمود الدين وهي الفريضة الركنية اليومية والعبادة الشعائرية التي تجعل الإنسان على موعد مع ربه كل يوم خمس مرات وهي الفاصل بين المؤمن والكافر فإذا تركها هذا أمر.. هذا هو الذي كان السلف يقولون في أصحابه بئس القوم قوم لا يعرفون الله إلا في رمضان، كن ربانيا ولا تكن رمضانيا، كن ربانيا ولا تكن.. ما تكنش رجل يعني تطيع الله في المواسم وبعدين تقطع الصلة بينك وبين ربك.. هذا مرفوض تماما، فالنشاط يقل معقول إنما تنقطع حتى ترك الصلاة هذا لا يُقبَل من مسلم ولا من مسلمة بحال من الأحوال لأن هذا شأن إما الكفار أو المنافقين، المشركون ربنا وصفهم بقوله {وإذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} والمنافقون وصفهم الله بقوله {وإذَا قَامُوا إلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ ولا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلاَّ قَلِيلاً} يعني هؤلاء حتى لم يبلغوا درجة المنافقين لأن منافق بيقوم إلى الصلاة كسلان.. هذا لم يقوم لها كسلان ولا نشيط والمنافقين يذكرون الله قليلا وهؤلاء لا يذكرون الله لا كثيرا ولا قليلا فهم شر من المنافقين في عهد النبوة.
عبد الصمد ناصر: هذا بالنسبة لهذه الفئة من الناس، بالنسبة لمن تبدل حاله في رمضان وتبدل حاله بعد رمضان بحال أحسن، بالنسبة للمؤمن المحافظ على طاعة الله، ما السبيل للحفاظ على علو مهمته هذه على السير على نفس المنوال الذي سار عليه في رمضان؟
القرضاوي: أن يصطحب أهل الخير ولا ينقطع عن ما تعوده في رمضان، يعني مثلا تَعَّود في رمضان أن يقرأ القرآن.. يظل يقرأ القرآن، تَعَّود أنه يحضر دروس العلماء يروح يحضر ولو في الأسبوع يحضر درس من دروس الدين، تَعَّود أنه مثلا يقرأ في بعض الكتب الدينية.. يعمل حتى وإذا كان بيقرأ كل يوم في كتب الدين، يقرأ أعمل يوم لقراءة في الترغيب والترهيب أو رياض الصالحين أو تفسير ابن كثير أو يعني يظل يخلي العادة موصولة ولو كانت أقل من شهر رمضان ويحاول دائما أن يرتقي لأن شأن المؤمن الرقي دائما، المؤمن لا يقف يعني في على حالة واحدة، ما فيش.. الإنسان لازم يتقدم أو يتأخر كما لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر، يا إما تقدم يا إما.. ما فيش حد بيجمد على حالته كده، إذا جمد معناه أنه تأخر فلازم يحاول أن يعلو دائما.. يبحث عن الأفضل، الرسول عليه الصلاة والسلام عودنا في أمور الدنيا أن ننظر إلى مَن هو أدنى منا وفي أمور الدين أن ننظر إلى من هو أعلى منك، ففي أمور الدنيا لو أعطيت مليون هتجد واحد عنده عشرة مليون، لو أبقى.. طيب حتى لو أخذت العشرة مليون هتقول أه ده فلان عنده مائة مليون، لو مائة مليون فلان ملياردير عنده كذا.. يعني لو كان لأبن أدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ عين ابن أدم.. فأنظر في أمور الدنيا إلى مَن هو أقل منك حتى ترضى، إذا كنت أنت عندك عشرة آلاف ومستقبلهم قول والله ده فلان ده ما عندوش فلان ما عندوش آلف ده فلان مستدين يعني حتى.. أما أمور الدين قول لا إذا كنت أنت محافظ على الفرائض قول لا ده والله فلان بيصلي الفرائض ويصلي السنن ويصلي الشفع والوتر، إذا كان بتصلي السنن قول ده فلان بيصلي الضحى، بتصلي الضحى لا ده فلان بيقوم الليل قبل الفجر كل يوم، انظر دائما إلى من هو أعلى منك.
عبد الصمد ناصر: كأنه سباق.
القرضاوي: وهذا هو اللي بنسميه التي هي أحسن.. القرآن دائما يدعونا إلى التي هي أحسن يعني إلى الطريقة التي هي أحسن {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} {وجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} {ولا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يعني إذا كان هناك طريقتان حسنة وطريقة أحسن أبقى اتبع التي هي أحسن، كما وصف الله عباده الذين رضي عنهم {فَبِشِّرْ عِبَادِ الَذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} {واتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم} إتباع الأحسن.. الإسلام يعلمنا إن إحنا ترنو أعيننا وتتطلع عقولنا دائما إلى الأفضل، ما نرضاش بالهوان.. يعلمنا علو الهمة لا نرضى بسفاسف الأمور وأقل شيء معلش أرضى بأقل شيء في أمور الدنيا لأن أمور المادة وأمور البتاع دي ما لهاش، إنما في أمور الدين لا اطلب علو، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنان وفوقه عرش الرحمن ومنه تتفجر أنهار الجنة" اسألوا الفردوس يعني أنت إذا سألت كريما ما تروحش لواحد كريم وتقول له أديني خمسة ريال.. يعني ده كأنك بتشتمه، يعني إذا أنت بتسأل أكرم الأكرمين اسأله يا أخي الفردوس الأعلى، إذا كان هناك أهل اليمين وهناك السابقون ما تقولش يا رب أنا راضي باليمين.. يا أخي أنت بتسأل.. اسأل أحسن شيء..
عبد الصمد ناصر: أسأل وأعمل.
القرضاوي: إذا أخذت الأقل زي بعضه بقي ابقى أرضى بنصيبك، إنما أنت كن متطلعا إلى أعلى الأمور..
عبد الصمد ناصر: نتحدث مع فضيلة الشيخ عن وسائل المداومة على طاعات الله وقد وصف الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأنه من خيرات السابقون، هل علو الهمة من صفات المؤمن؟
القرضاوي: نعم.. ما هو ده ما إحنا اللي قلناه ده بنطلب الفردوس الأعلى، تلاقيه يرنو دائما إلى ما هو أفضل لا يكتفي بأدنى شيء لا وهنا الإسلام بيشرع بالتسابق.. القرآن يقول {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} و{وسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ والأَرْضُ} وفي سورة أخرى يقول {سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ والأَرْضِ}، فهي مسارعة ومسابقة {وفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ}، التنافس في الخيرات مطلوب.. النبي عليه الصلاة والسلام قال لا حسد إلا في اثنتين رجل آته الله الحكمة فهو يعمل بها ويعلمها ورجل آته الله مالا فسلطه على هلاكته في الحق التحاسد هنا المقصود به التغابط إنه يغبطه يعني يتمنى أن يكون.. مش يحسده يعني يتمنى زوال نعمته..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: يتمنى أن يكون مثله.
القرضاوي [متابعاً]: يعني ينافسه في الخيرات.. هذا هو المطلوب من الإنسان، ربنا وصف المؤمنين بقوله {والَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) والَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) والَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وقُلُوبُهُمْ وجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} يسارعون في الخيرات، فالمسارعة.. وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسارعون، في غزوة تبوك الصحابة كانوا يتسارعون من يدفع أكثر، سيدنا عمر جاء بنصف ماله.. قسم ماله نصفين جاب نصف في حجره وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله هذا مالي شطرته شطران وهذا شطره وبعدين أبو بكر جاي وقال يا رسول الله هذا مالي كله قال له وماذا أبقيت لأهلك يا أبا بكر قال أبقيت لهم الله ورسوله فقال عمر لا أسابقك إلى شيء أبدا، هو جايب نصف ماله وفاهم إنه هو سبق الناس كلها فأبو بكر جاب ماله، هذا هو التنافس المطلوب، كان لما تنظر لحديث الصحيحين في التنافس بين الأغنياء والفقراء في عهد النبوة الفقراء جاؤوا للرسول صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور.. أهل الدثور يعني أهل الأموال، ذهبوا أخذوا الأجور كلها، يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويسبحون كما نسبح ولكن لهم فضول أموال فيتصدقون ولا نتصدق ويُعتقون ولا نعتق وينفقون ولا ننفق فالنبي عليه الصلاة والسلام قال "ألا أدلكم على شيء تسبقونهم تأتوا بعد كل صلاة وتقولوا سبحان الله ثلاثة وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثة وثلاثون مرة والله أكبر وبعدين تختموها بالمائة" فراحوا عملوا كده.. الأغنياء سمعوا كده فعملوا كده قالوا يا رسول الله.. يعني شوف المجتمع بيتنافس في إيه؟ في الصالحات فهذا هو مجتمع الخير، نحن نريد إنه هذه الروح تسري في مجتمعنا.
عبد الصمد ناصر: كيف للمؤمن أن يحافظ على علو الهمة هذه؟ كيف له أن يحافظ على هذه الميزات؟
القرضاوي: أن نحافظ بقول لك بالعمل الجماعي، يكون في جماعة.
عبد الصمد ناصر: البيئة.
القرضاوي: الإنسان يحاول يعيش مع مَن يفعل ذلك، لا يعيش وحده يعيش مع الصالحين يرتبط بهم يضع يده في أيدهم لأن يد الله مع الجماعة، يعيش وحده الشيطان ذئب الإنسان يأكل من الغنم الشاردة اللي عايشة لوحدها.. بعدت عن القطيع يلتهمها اللي في قلب القطيع ما يقدرش.. أنت شوف الجماعة وعيش معهم عيش.. ليه كانت صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبعة وعشرين درجة؟ لأن تُعيِّش المسلم في وسط المجموعة دائما، يعني فالجماعة أفضل.. المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه ضعيف بمفرده قوي بجماعته ولذلك جاء وتعاونوا على البر والتقوى {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا} فالمؤمن يبحث عن أهل الخير ويتعاونوا بعضهم مع بعضا لأن الإنسان قد يضعف فيقويه أخوه قد ينسى فيذكره أخوه قد يغفل فينبهه أخوه، سيدنا موسى لما دعا ربه قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) ويَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) واحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) واجْعَل لِّي وزِيراً مِّنْ أَهْلِي (29) هَرُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) ونَذْكُرَكَ كَثِيراً} الله يعني هو بيقول له أنا وأخويا نسبحك كثيرا ونذكرك يمكن أنا لوحدي أغفل أو أنسى أو أضعف أو أشرد إنما أنا وأخي نسبحك كثيرا، هكذا فالإنسان المؤمن لكي يبقى على مستواه الروحي ومستواه الإيماني بحيث لا تخمد الجذوة ولا تضعف الإرادة ولا يستمر يعني يغلبه الكسل ويغلبه الشيطان، كي لا يحدث هذا يشوف إخوانه الذين هم على شاكلته الذين يحبون الخير مثله ويحبون أن يظلوا قريبين من الله وأن تكون صلتهم بالله موثقة دائما يضع يده في يد هؤلاء.
مشاركات واستفسارات المشاهدين
عبد الصمد ناصر: لدينا مشاركة من أحد المشاهدين في العراق لا أريد أن أطيل عليه لأنه ينتظر منذ وقت طويل، نبيل صادق من العراق تفضل أخي.
نبيل صادق- العراق: السلام عليكم.
يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عبد الصمد ناصر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نبيل صادق: الدكتور يوسف، كيف حالك؟
عبد الصمد ناصر: الله يبارك فيك، الصوت ضعيف جدا أخ نبيل ممكن ترفع صوتك لأن في الأستوديو لا نكاد أن نسمعك.
نبيل صادق: بالنسبة عندي سؤال بالنسبة للعمرة في رمضان، هل تعادل حجة ولا لا، الذنوب الكبائر مغفورة أم غير مغفورة؟
عبد الصمد ناصر: للأسف لا أسمعه.
نبيل صادق: وشكرا.
عبد الصمد ناصر: العمرة في رمضان، طيب السؤال واضح أخي نبيل هل هناك سؤال آخر؟
نبيل صادق: لا شكرا جزيلا والسلام عليكم.
عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك، أبو أسامة من السعودية.
أبو أسامة: السلام عليكم.
يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
عبد الصمد ناصر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أبو أسامه: مساكم الله بالخير وكل عام وأنتم بخير.
عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك.
يوسف القرضاوي: وأنت بالصحة والسلامة.
أبو أسامة: أهنئكم بالعيد السعيد أول شيء.
عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك يا أخ أبو أسامة.
يوسف القرضاوي: بارك الله فيك.
أبو أسامة: ثاني شيء بأسأل الشيخ طال الله عمرك أنا القنوات الفضائية الخليعة التي جاءت قبل وبعد رمضان، هي تخف حدتها في رمضان صحيح لكن بتعاود بعد رمضان لنفس الدور التي تقوم به علما أن القائمين على هذه القنوات يعني يقومون بأعمال خيرية في رمضان ومسابقات تحفيظ القرآن وأعمال خيرية ومساهمات في التخفيف عن الكوارث والزلازل الإخوان في باكستان غيره هم أصحاب قنوات خليعة.. كما يعني هل يريدون أن يركبوا في مركبتين في آن واحد يعني؟
عبد الصمد ناصر: آه يعني هل يستقيم الأمران؟
أبو أسامة: نعم هل الشيء هذا جائز وشكرا لكم.
عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك يا أبو أسامة واضح، أحمد توفيق من قطر.
أحمد توفيق: السلام عليكم ورحمة الله.
يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
عبد الصمد ناصر: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أحمد توفيق- مصر: كل عام وأنتم بخير وأسأل الله أن يمد الشيخ بالصحة والعافية.
يوسف القرضاوي: بارك الله فيك.
أحمد توفيق: شيخنا الكريم هناك سببان لباقي العبادة بعد رمضان، الأول لكل الوقت ففي رمضان يكون تنظيم الوقت أكبر بسبب توحيد وقت الإفطار وتوحيد الصلوات وما إلى ذلك فبعد رمضان لا يكون هناك تنظيم الوقت بسبب الانشغالات في العمل والدراسة وما إلى ذلك، الأمر الثاني كثرة الأجر فمن المعروف أن الأجر في رمضان أكبر من غيره فلذلك نجد التسابق في رمضان ولكن أعتقد أن هناك يمكن أن نحل هذه القضية في نقطتين أو نقطة واحدة مثلا وهي قضية أن نأخذ جزء من هذا العمل فمثلا إذا كنا نحافظ على قراءة القرآن كاملا في شهر رمضان بحيث نقرأ جزء في كل يوم يمكننا أن نقرأ حزب أو نقرأ صفحة واحدة في كل يوم بعد رمضان فبذلك نكون حافظنا على العبادة وضمن وقتنا وضمن الأجر إن شاء الله وأيضا مثلا صلاة القيام لمن لا يستطيع أن يصلي التراويح بعد رمضان أو صلاة القيام يصلي ركعتين أقل ما فيها أو يحافظ على النوافل، هذه بخصوص قضية ضعف العبادة وعندي سؤال أيضا هو يشاطر سؤال الأخ أبو أسامة من السعودية وهو الإصرار على الكبيرة وعلى العبادة في نفس الوقت، فنجد أشخاص في رمضان يصومون ويقومون ويصلون وفي نفس الوقت عندهم إصرار على ذنوب ومعاصي في نفس الوقت، فكيف يكون في الإنسان يعني يحمل هذا الإثم والعبادة في قلبه؟ فهل هذا دليل خير أم دليل شر على هذا الإنسان؟ وجزاكم الله خيرا.
عبد الصمد ناصر: شكرا أخ أحمد توفيق، فضيلة الشيخ لو نجيب أول شيء عن سؤال نبيل صادق من العراق حول العمرة في رمضان، هل تُغفر الكبائر فيها؟
يوسف القرضاوي: هو إذا هناك الكبائر نوعان.. كبائر تتعلق بحقوق الله شرب الخمر مثلا وكبائر تتعلق بحقوق العباد، حقوق العباد دي يعني الشرع شدد فيها جدا حتى الشهادة في سبيل الله وهى أعلى ما يتمناه المسلم، يعني النبي صلى الله علية وسلم سمع رجل يقول اللهم أتني أفضل ما آتيت عبادك الصالحين قال إذا يعقر جوادك ويراق دمك، يعني الشهادة هي أعلى هذه الشهادة لا تسقط حقوق العباد، النبي صلى الله عليه وسلم قال يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين قالها في صحيح مسلم وجاء في الصحيح أيضا أن رجل جاء للنبي صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله أرأيت إن قُتِلت في سبيل الله تُكَفر عني خطاياي قال نعم ثم أدبر الرجل.. مشي خطوات وبعدين قال استدعوا الرجل تعال فجاء قال ماذا قلت؟ قلت يا رسول الله سألتك عن كذا قلت كذا، قال له تُكَفر عنك خطاياك إلا الدين أخبرني بذلك جبريل آنفا يعني الرسول قال له تُكَفر عنك وبعدين جبريل قال له لا مش كل خطاياك إلا الديون، يبقى دي حقوق العباد يعني إذا كان عليه ديون فما بالك اللي نهب أموال الناس أو اختلسها أو أخذها ظلما..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: أموال أمة.
القرضاوي [متابعاً]: هذه الكبائر المتعلقة بحقوق العباد دي لا يسقطها لا حج ولا عمرة ولا صلاة ولا صوم حتى القتل، أما الكبائر الأخرى أيضا هناك صنفان من الناس هناك فعل هذه الكبائر وبيروح يقول أرجو الله إن الحج والعمرة والأشياء هذه يعني تغفر لي فهذا ممكن أن يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه وخصوصا في العمرة في رمضان لأنه جاءت في الأحاديث الصحيحة أنها تعدل حجة..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
القرضاوي [متابعا]: إنما إذا كان عامل العمرة ومصر إن بعد رمضان هيرجع للكأس والطاس أو هيرجع لرفيقته أو التي يزانيها أو يظل في هذا لا يمكن.
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: ليه يعني ليست هناك نية للتوبة.
القرضاوي [متابعا]: لأنه الله تعالي يقول في وصف المتقين {والَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ومَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ اللَّهُ ولَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وهُمْ يَعْلَمُونَ} فأخطر شيء أن تكون عقدة الإصرار موجودة في نفس الإنسان، يعتمر ولكن حلاوة المعصية لا تزال في قلبه ولا زال في نيته أن يعود هذا لا يمكن أن..
عبد الصمد ناصر: بالنسبة إلى سؤال أبو أسامة من السعودية الذي تحدث عن القنوات التي سماها بالخلاعية ودورها في تخريب بيوت المجتمع قال إن هذه القنوات تلعب دورين دور في رمضان وخارج.. وما بعد رمضان دور لعرض ما قال إنه خلاعية أعمال خلاعية ثم قال إن هناك قنوات من هذا النوع تنظم سباقات ومسابقات لحفظ القران وتجويده وغيرها.
القرضاوي: لا هذه للآسف يعني في الحقيقة يعني إحنا قلنا يعني بئس قومه قوم لا يعرفون الله إلا في.. إذا كنت عرفت الله في رمضان فلماذا تنتكس بعد رمضان وترجع القهقرة؟ يعني ترتد هذه نوع من الردة العملية والعياذ بالله، إذا كنت تعرف أن هذا يغضب الله وأن هذا ينتهي بك إلى النار هو في رمضان وفي غير رمضان وبعدين تصلح شهر وتفسد إحدى عشر شهرا ما فيش حتى النسبة مش متقابلة أو متساوية والعجيب كما يقول الأخ أبو أسامة من هؤلاء ناس يعني يفعلون الخيرات يعني..
عبد الصمد ناصر: يتبرعون.
القرضاوي: يعملوا تبرعات، طب لماذا تفسد عملك؟ لماذا يعني تُضَيع الصالحات وتحبطها بهذه السيئات التي يعني من شأنها أن تذهب برصيدك عند الله عز وجل؟
عبد الصمد ناصر: سؤال أحمد توفيق أعتقد أجبت عليه فضيلة الشيخ حينما تحدث عن إصراره على الكبيرة وعلى العبادة في نفس الوقت في رمضان.
القرضاوي: هو الأخ أحمد يعني مشي في الخط اللي قلنها إحنا قلنا مش شرط الإنسان يظل على نفس المستوى من النشاط الذي كان في رمضان المهم يظل موصول الحبال بالله، إنما إذا كان أقل صلاة من النوافل، إذا كان أقل في قراءة القران، إذا كان أقل في العبادة ما يضر هذا، المهم الصلة تكون موجودة.. بدال ما تنقطع عن المصحف اقرأ ولو ربع حتى في اليوم، بدال ما تترك الجماعة خالص اذهب ولو مرتين في الأسبوع يعني وهكذا.
عبد الصمد ناصر: نأخذ مشارك من فرنسا، أبو عبد الله تفضل أخي.
أبو عبد الله- فرنسا: عيدكم إن شاء الله مبارك.
عبد الصمد ناصر: عيد مبارك إن شاء الله علينا وعليكم إن شاء الله.
أبو عبد الله: والله الشيخ نحبه في الله.
القرضاوي: أحبك الذي أحببتني من أجله.
أبو عبد الله: والله العظيم أنا شفته في المنام كذا مرة إن شاء الله يا شيخ الله يبارك لك ما رأي الإسلام في فضائيات الدول العربية والإسلامية، يعني ما يجئ شهر رمضان يكثروا في الشطح ويكثروا السهرات ويكثروا في الأفلام الخليعة، هل دول يعني لا يذكرون اسم الله تبارك وتعالى؟ لا يستحون من الله؟ ما سمعوش عن عذابه؟
عبد الصمد ناصر: هذا سؤال أجاب عنه فضيلة الشيخ قبل قليل أخي أبو عبد الله.
القرضاوي: شيء مؤسف أسأل الله أن يتوب عليهم ويهديهم.
عبد الصمد ناصر: هل هناك سؤال آخر أبو عبد الله؟
أبو عبد الله: والله يا أخي والله ده قلبي أني قلته.
عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك، محمد محمود من مصر تفضل أخي.
محمد محمود: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عبد الصمد ناصر: وعليكم السلام ورحمة الله.
محمد محمود: كل عام وحضاراتكم بخير تقبل الله منا ومنكم.
القرضاوي: تقبل الله منا ومنكم يا أخي.
محمد محمود: ونسأل الله العظيم أن يتقبل صيامنا وقيامنا، بأطلب من فضيلة الشيخ وإني أحبه في الله تكلم عن علو الأمة في رمضان وكيف نحافظ على علو الأمة بعد رمضان وهي التزام الجماعة {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ والْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وجْهَهُ} أنا بأطلب نصيحة من فضيلة العالم الجليل وهو أب فاضل لأبنائه الشباب في الأمة العربية كيف يعني مزيد من روشتة عمل يحافظ على همته بعد رمضان من ناحية الفضائيات ومن ناحية المجتمع ومن ناحية الجامعة ومن ناحية العري ومن ناحية تنظيم وقته؟ فيعني لو نصيحة من فضيلة العالم الجليل لشباب الأمة الإسلامية كيف يحافظ على يعني وقته وكيف يحافظ على علو همته وكيف يعني يضع أولوياته أولا؟ هل سيستمر على الطاعة؟
عبد الصمد ناصر: أولا نعم الفكرة واضحة أخ محمد شكرا لك، نحن أجبنا قبل قليل عن موضوع على الفضائيات سؤال أبو عبد الله.
القرضاوي: هو الناس يعني يبدو إن الفضائيات في أنفسهم منها شيء كثير لأن أثرها في الأمة وخصوصا في الشباب والبنات يعني أثار خطيرة جدا وعلى المسؤولين عن هذه القنوات والفضائيات وأجهزة الإعلام بصفة عامة التي تصنع الأفكار والميول والأذواق والاتجاهات في الشعوب، هؤلاء مسؤولون مسؤولية كبيرة لأن المعلمين والمربيين والدعاة والعلماء يبنون وتأتي هذه الأشياء تهدم وكيف متى يبلغ البنيان يوما..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: من داخل البيوت.
القرضاوي [متابعاً]: تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدمه؟ فالناس معذورون في تكرار السؤال عن هذا الأمر.
عبد الصمد ناصر: حتى أن بعض الأشخاص يعني يمنعون حتى التليفزيون في بيوتهم.
القرضاوي: أه بعض الناس فعلا ولكن ما عاد هذا ممكنا.
عبد الصمد ناصر: هل هذا حل؟
القرضاوي: ما عاد ممكن إنك تمنع.. الممنوع مرغوب، لو قلت لأولادك هيحاولوا يشوفوه من أماكن أخرى صعب هذا.
عبد الصمد ناصر: بالنسبة للنصيحة التي طلبها منك محمد محمود بالنسبة للشباب.
القرضاوي: والله نحن يعني شباب والحمد لله يعني في كثير من شباب الأمة على خير، الصحوة الإسلامية أيقظت شباب الأمة وأيقظت فتيات الأمة وردتهم إلى الله وردتهم إلى الدين بحيث أصبحنا نرى المساجد معظمها من الشباب، مواسم الحج والعمرة أكثريتها شباب فالشباب بخير، نحن على كل حال ننصح الشباب أن يعني يوازن بين حق ربه عليه وحق نفسه وحق علمه ومدرسته وجامعته، بعض الشباب يقعد مثلا يمكن يقعد يقرأ كتب دينية ويترك التفوق في علمه، لا إحنا عايزين بدال أنت طبيب نريد الطبيب المتفوق نريد الكيميائي المتفوق الفيزيائي المتفوق الفلكي المتفوق واعتبر إن التفوق في المجال العلمي هذا عبادة لأن الأمة الإسلامية كانت هي سابقة الأمم في هذا كله فأصبحنا في ذيل القافلة، إذا وجدنا من الشباب مَن يفعل هذا ابتغاء وجه الله وابتغاء الرقي بأمته نعتقد أن هذا عبادة لله وننصح الشباب أن يتكاتفوا في الخير ويحاولوا يعلموا الأمة، إذا كان عنده في الإجازة الصيفية واجد بلده محتاجة إلى محو الأمية يساهم في محو الأمية، يساهم في خدمة المجتمع خصوصا أن ربنا أعطى الشباب همة وأعطاهم قوة لأن مرحلة الشباب هي مرحلة القوة بين ضعفين { الله الَذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا} ضعف الطفولة أولا وضعف الشيخوخة أخيرا والقوة بين هذين الضعفين هي قوة الشباب، ننصح الشباب أن يستغل قوته في عمل الصالحات وفي استباق الخيرات وأملنا فيهم كبير إنشاء الله.
الأسلوب الأمثل لوداع الشهر الكريم
عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ إن عدنا إلى المحور الأخير المتعلق بموضوع الليلة، قلنا في كثيرا في رمضان بأن رمضان هو فرصة يغتنمها المؤمن يغتنمها للتغيير، يعني هو مدرسة تتخرج فيها أجيال وأجيال من المسلمين الصالحين، كيف للمؤمن أن يقوم بجرد حساب إذا جاز لنا التعبير ليرى نتيجة اجتهاده وعمله في رمضان؟ يعني هل استفاد من هذا الشهر؟ ماذا استفاد ماذا ضيّع أيضا؟
القرضاوي: هو قلنا أنه يرى ماذا حاله بعد رمضان، إذا كان حاله بعد رمضان أفضل من حاله كما كان قبل رمضان يبقى استفاد، إذا كان وجد عنده رغبه في استباق الخيرات.. يعني هو من فضل الله سبحانه وتعالى إنه عمل لنا مواسم بعد مواسم يعني هو مش رمضان كل شيء، ما هو بعد رمضان قال {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} تبدأ أشهر الحج، بعد السياحة هذه السياحة الروحية بالصيام في رمضان تأتي السياحة العملية بالحج وتأتي الأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وتأتي الأيام العشرة اللي هي أفضل الأيام عند الله كما قال ابن عباس العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من غيرها أيام العشر {وَالْفَجْرِ ولَيَالٍ عَشْرٍ} فهذه الأيام خصوصا تاسع هذه الأيام يعني اللي هي أيام ذو الحجة.
عبد الصمد ناصر: يوم الوقوف بعرفة.
القرضاوي: تاسعها يوم عرفة يعتبر أفضل يوم في السنة وبعده يوم النحر يوم الحج الأكبر، هذه أيام كلها أيام مباركة وبعدين يأتي في شهر المحرم وشهر المحرم الرسول قال إن الصيام فيه أفضل من غيره، صيام شهر الله المحرم وفي تاسعاء وعاشوراء.
عبد الصمد ناصر: وعاشوراء.
القرضاوي: ثم تأتي يأتي شهر رجب والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا جاء رجب اللهم يعني بارك لنا في رجب وبلغنا رمضان وقال هو شهر يعني وبعديه شهر شعبان.. أكثر شهر يصوم النبي فيه يعني بعد رمضان هو شهر شعبان وبعدين في صيام ثلاث أيام من كل شهر، صيام الاثنين والخميس، فيه كل ليلة في السحر، المفروض إن ربنا وصف المحسنين بقوله {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} يعني المسلم مهما فعل حتى لو قام طول الليل كله يعني يعتبر أنه مقصر ويستغفر الله العظيم ربي اغفر لي وتب علي رب، رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: بارك الله فيك.
القرضاوي [متابعاً]: كان أكثر الناس استغفارا حتى إنه يعني يُعَد له في المجلس الواحد مائة مرة يستغفر الله تعالى فيها.
عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك فضيلة الشيخ، نسأل الله سبحانه وتعالى يثبت قلوبنا على دينه ونشكرك في ختام هذه الحلقة كما نشكر السادة المشاهدين ونشكر كل مَن تابعنا وفي ختام هذه الحلقة تحيات المخرج منصور الطلافيح والمنتج معتز الخطيب وإلى اللقاء في حلقتنا القادمة بحول الله.
[SIGPIC][/SIGPIC]
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)