- الإهدائات >> |
الناس في ذلك على درجات ثلاث:
الأولى : تخص عبادا لله استقاموا على فعل الخيرات بعد رمضان ولكن بدرجة أقل مما كانوا عليه فى رمضان ، وهذا طبيعي، فرمضان موسم للطاعات يبلغ العبد فيه قمة معينة يساعده عليها الجو العام للأمة من حوله وإعانة الله الخاصة فى رمضان . ومثال هؤلاء من كان يقرأ فى رمضان جزأين أو ثلاثة من القرآن يوميا وبعد رمضان عاد ليقرأ جزءا و انتظم عليه مع أنه كان قبل رمضان لا ينتظم فيه ، فهذا حدثت له زيادة فى القربات بسبب رمضان وإن كان قد طرأ عليه شيئ من النقص بعد انقضاء الموسم ، وهذا لا بأس به.
الثانية : تخص أناسا ارتدوا على أدبارهم بعد رمضان وانكوا من كل ما قاموا به فيه ، واعتبروا أن يوم العيد نهاية المشقة والتكليف والعبأ الذى جثم على صدورهم فى رمضان. وهؤلاء ولا شك على خطر عظيم.
والدرجة الثالثة : تخص هؤلاء الذين كانوا على مستو معين من الطاعة قبل رمضان وعادوا إليه تماما بعد رمضان أو قلوا عنه قليلا ، وهذه أكبر شريحة من الناس يقلقها ويحيرها الفتور الذى يصيبهم بعد موسم الخير والطاعة. ولهؤلاء يتوجه هذا الكلام:
• الاستقامة من جوامع الكلم ومعناها لزوم الطاعة وهي من أعظم الصفات التى رتب الله عليها أعظم الأجور كقوله تعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) وهي بشرى عظيمة تكون عند الموت ، عند الفزع والهلع و بكاء الأحبة ، يرى من استقام على طاعة الله نفرا كريما من الملائكة يستقبلونه أحسن استقبال ويبشرونه ويطمأنونه (ألا تخافوا ) مما أنتم مقبلون عليه من أحوال الآخرة و (لا تحزنوا) على ما تركتم وراءكم فى الدنيا من مسئوليات الأهل والأولاد وغيرها (نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا ) الآن و (فى الآخرة) بعد ذلك ثم يسرون إليهم بعض تفاصيل السعادة التى هم على أعتابها (ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ، نزلا من غفور رحيم) ... كرامة وحفاوة واستقبال رائع. وتأمل قوله تعالى (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
• كل من ذاق حلاوة الطاعة في رمضان ظهر له بوضوح سهولة الطاعة وجمالها وأنها ليست كما يوسوس لنا الشيطان بصعوبتها ومشقتها. انكشف وانفضح أمر الشيطان لنا عيانا لما جربنا بأنفسنا وعايشنا حلاوة الطاعة ويسرها بل ولذتها. العاقل يتذكر أن الحواجز النفسية التي بناها الشيطان في أذهاننا كانت حواجز وهمية غير حقيقية ، فإذا وسوس لنا مرة أخرى بعد رمضان بأن العبادة صعبة والوقت ضيق والمشاغل كثيرة فلا تغتر به ولا تصدقه ولاتخضع له.
• الاستقامة المطلوبة بعد رمضان لا ينبغي أن تقتصر على العبادات فقط بل يجب أن تشمل المعاملات أيضا. رأينا في رمضان أننا يمكننا أن نمسك ألسنتنا عن الغيبة والنميمة والفحش والبذاءة والسخرية واللمز والكذب ، كل هذا اكتشفنا أنه ممكن و في طاقتنا ومقدورنا وكنا كثيرا ما نتذكر قول رسولنا صلى الله عليه وسلم (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فبعد رمضان نستقيم على ذلك أيضا. وأثناء رمضان خشينا أن تمتد يدنا إلى الحرام من رشوة أو سلب أو اعتداء ورأينا ذلك ممكنا وفي طاقتنا ومقدورنا وكنا نتذكر قول رسولنا صلى الله عليه وسلم ( كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه .. ) فبعد رمضان نستقيم على ذلك أيضا. وفي رمضان غضضنا أبصارنا عن كل ما يغضب الله من المناظر والمشاهد المحرمة و كففنا أسماعنا عن اللهو المحرم ورأينا ذلك ممكنا وفي استطاعتنا ومقدورنا فلنتمسك بذلك أيضا بعد رمضان ولننزه أبصارنا وأسماعنا عن هذه الرذائل التي توقعنا في غضب الجبار.
• في صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال ( قل آمنت بالله فاستقم ). سؤال مباشر أراد به أن يجمع الدين في كلمتين ، فأجابه سيد البشر وخير من علم وعلم بهذه الإجابة الوافية الشافية (قل آمنت بالله فاستقم). وفي رواية الترمذي سأل سفيان بعدها سؤالا آخر فقال ( يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال : هذا). فهذا التوجيه النبوي الشريف بعد أن أمره بالاستقامة يبين أن اللسان وآفاته المختلفة يعيق صاحبه عن الاستقامة بل إن ذلك أخوف ما خافه النبي صلى الله عليه وسلم على السائل، فتأمله.
نايس توبيك يا منار
جزاكي الله خير
موضوع جميل فعلا وياريت الناس تتعلم وتعرف اهم من كل حاجه
جزاك الله خيرا يامنار لطرحك الطيب
ويارب يثبتنا على الطاعة والالتزام بعد رمضان.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)