كثير من مسلمي العالم العربي والإسلامي لا يعرفون شيئاً عن مسلمي اليابان الذين يصل عددهم إلى أكثر من مئة وخمسين ألف مسلم، ومع أن دولة مثل اليابان تعد أرضاً بكراً لنشر الدعوة الإسلامية، فإن كثيراً من المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي لا تنظر باهتمام كبير إليها .مع رئيس اتحاد الطلاب المسلمين باليابان د. زكريا زيادة، التعرف على أحوال المسلمين في اليابان وأهم مشكلاتهم وما ينتظرونه من العالم العربي والإسلامي... فإلى تفاصيل الحوار. • ماذا عن اتحاد الطلاب المسلمين ودوره داخل المجتمع الياباني؟
- تم إنشاء الاتحاد عام 1960 بهدف الاهتمام بالطلاب المسلمين الدارسين باليابان بفئاتهم المختلفة ومن الأوطان المختلفة، والهدف الأساسي للاتحاد هو توفير مناخ مناسب للطلاب المسلمين للمعيشة في اليابان خلال فترة دراستهم، وذلك مثل إرشاد الطلاب إلى الأكل الحلال وتوفير كتب الثقافة الإسلامية وتسهيل الأمور الخاصة بالحياة اليومية للمسلمين، وإلى جانب الطلاب المسلمين يوجد في اليابان ما يزيد على مئة وخمسين ألف مسلم، وهناك مؤسسات أخرى إلى جانب الاتحاد تعمل على خدمة شرائح المسلمين هناك، وذلك مثل جمعية المسلمين اليابانيين التي من مهامها الأساسية رعاية الجيل الجديد من أبناء المسلمين في اليابان.
• كيف ترى علاقتهم داخل المجتمع الياباني؟
- المسلمون في اليابان يعتبرون أقلية يصل عددهم إلى مئة وخمسين ألف نسمة من إجمالي 135 مليون نسمة، ولكن المجتمع الياباني بطبيعته مفتوح والشعب الياباني يقرأ كثيراً عن الإسلام وإن كانوا غير مسلمين، وهناك كثير من الشخصيات اليابانية التي تسعى إلى التعرف على الإسلام سواء من خلال الاتحاد أو من خلال جمعية المسلمين اليابانيين، كما تتم دعوة العلماء والباحثين المسلمين ليحاضروا في الجامعات اليابانية عن التبادل الثقافي وعن جوهر الثقافة الإسلامية، وكيفية بناء الجسور الثقافية بين المسلمين وغيرهم من الثقافات الأخرى في اليابان، وقد قمت بإلقاء العديد من المحاضرات عن إقرار الإسلام لمبدأ الحوار وعن سماحة الإسلام وحثه على الإخوة الإنسانية.
• ما هي أبرز المشكلات التي تواجه المسلمين في اليابان؟
- من أكبر وأخطر المشكلات التي تواجه مسلمي اليابان سواء من الوافدين للدراسة أو من المسلمين اليابانيين أنفسهم، أنهم لا يجدون توعية دينية حقيقية بسبب غياب العلماء والدعاة من العالم الإسلامي ومن المؤسسات الإسلامية الكبرى مثل الأزهر ورابطة العالم الإسلامي والجامعات الإسلامية... إلخ، فهناك ندرة في وجود العلماء والدعاة داخل اليابان، وذلك في الوقت الذي تركز المؤسسات الإسلامية جهودها نحو الغرب والاهتمام به وتترك الشرق، مما يؤكد أن منطقة جنوب شرق آسيا وفي مقدمتها اليابان مهمشة دعوياً من العالم العربي والإسلامي، وهذه كارثة كبرى تسيطر على سير الدعوة في هذه البلدان، وهناك أمر خطير آخر وهو أن مساجد اليابان معظمها بلا أئمة أو دعاة على دراية ومعرفة كاملة بالإسلام، فهناك بحق غياب وقصور دعوي من العالم الإسلامي تجاه مسلمي اليابان، وإنني أطالب المؤسسات الدعوية الإسلامية الكبرى بتكثيف جهودها في اليابان، خصوصاً أن المجتمع الياباني بطبيعته منفتح ومهذب ولا يكن أي ضغينة للإسلام أو المسلمين، وإن دول جنوب شرق آسيا عامة واليابان خاصة تعتبر أرضاً بكراً لنشر الإسلام والدعوة الإسلامية، خصوصاً في ظل عدم وجود مشكلات بين هذه الدول وبين العالم الإسلامي مثل التي بين المسلمين والغرب على سبيل المثال، وللأسف هذه الأرض البكر لم يتم بذل مجهود منظم أو مرتب فيها للدعوة حتى الآن، ولكن مع ذلك هناك كثير من الأشخاص يدخلون في الإسلام لاسيما من العنصر النسائي، وهناك مشكلة أخرى يجب الالتفات إليها وهي قلة وجود المساجد، ففي اليابان كلها لا يوجد إلا حوالي خمسين مسجداً، والباقي عبارة عن مصليات صغيرة يقوم المسلمون باستئجارها لإقامة الصلاة فيها، وهذا العدد ضعيف جداً بالنسبة لعدد المسلمين هناك والذين لا يستطيع الكثير منهم تحمل تكاليف بناء المساجد لأن تكاليفها عالية جداً، فالمسجد الواحد من الممكن أن تصل تكاليفه إلى ما يزيد على مئة ألف دولار، وهذه التكاليف تجعل من الصعب على المسلمين بناء المساجد الكبيرة، مما دفعهم إلى ابتكار حل المصلى الصغير والذي يكون عبارة عن شقة أو منزل يتم استئجاره للصلاة للتغلب على هذه المشكلة، وهناك مشكلة لا تقل خطورة عما سبق، وهي أنه لا يوجد حتى مفتي واحد للمسلمين في اليابان اللهم إلا بعض الأئمة في المساجد في بلدان متباعدة يقومون بإفتاء المسلمين وهؤلاء قلة، ويعتمد معظم المسلمين هناك في الحصول على الفتاوى من الخارج عن طريق الإنترنت أو ما شابه، ولكن لا يوجد مفتي مقيم بين المسلمين هناك، مما يؤكد معاناة المسلمين في الحصول على المعلومة الدينية الصحيحة، وللأسف فإن الأئمة الذين لا يتجاوز عددهم الخمسة لا يتمتعون جميعاً بالمعارف الدينية الكاملة، مما يؤكد أن مسلمي اليابان يعانون من أجل الحفاظ على هويتهم الإسلامية بقدر المستطاع.
• هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى انسلاخ المسلمين من هويتهم خصوصاً في ظل انتشار العديد من الديانات في هذه البلاد؟
- بالنسبة لليابان هذا الأمر صعب، فالحوار الديني غير موجود والمجتمع الياباني لا يدعو ضد الإسلام ولا يحاول التأثير في المسلمين أنفسهم، بل على العكس تعطي الحكومة اليابانية الحرية الكاملة للمسلمين لممارسة شعائرهم اليومية أسوة بالديانات الأخرى السائدة في اليابان وأهمها «الشنتو»، الذي يعتبر الدين الأصلي لليابانيين وجزءاً من حياة الناس، ويؤكد الدستور الياباني الصادر في عام 1974 وفي مادته رقم 20 على حرية ممارسة العقائد والأديان للجميع، وانطلاقاً من نص هذا الدستور نرى أن هناك حرصاً من الحكومة والشعب الياباني على فهم الإسلام والعالم الإسلامي والمسلمين أفراداً وجماعات، وزاد شغف هذا الشعب على معرفة الإسلام في أعقاب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وإن كان حب اليابانيين للثقافات الأجنبية لاسيما الثقافة الإسلامية نابعا من اهتمامهم قبل كل شيء، ففيها الكثير من الأمور التي يقدرها الإسلام، وتتطابق مع ما يريده الله سبحانه وتعالى كالصدق والأمانة والإخاء والمحبة خصوصا بين أفراد الأسرة الواحدة واحترام الأديان وإفشاء السلام بين الجميع.
• مشكلة دفن الموتى مازالت تؤرق المسلمين في اليابان، فهل حدثت تطورات على الأرض لحل هذه المشكلة؟
- بالفعل من أكبر هموم المسلمين في اليابان مشكلة دفن موتاهم وندرة المقابر، فمن المعروف أن المجتمع الياباني قليل منهم من يقبر ميته وإنما كثير منهم من يحرق الموتى وهذا أمر محرم في الإسلام، فتقابلنا مشكلة الدفن وهذه ليست حكومية بقدر ما هي مشكلة اقتصادية فلا نجد أموالاً نشتري بها أرضاً لدفن الموتى، خصوصاً أن تكلفة المقبرة الواحدة تتجاوز عشرة آلاف دولار، وللتغلب على هذه المشكلة قامت بعض الجمعيات وفي مقدمتها جمعية المسلمين اليابانيين بشراء قطعة أرض في إحدى المحافظات المجاورة لطوكيو يتم فيها دفن موتى المسلمين مجاناً.
• ما هو المطلوب في الوقت الحالي لدعم مسلمي اليابان؟
ـ مطلوب دعم دعوي مكثف لمسلمي اليابان وتوفير الدعاة، ودعم المسلمين في إيجاد مخرج لهم في مسألة المقابر لدفن موتاهم، والأمر الآخر دعم الجيل الثاني من المسلمين الموجودين في اليابان وتعليمهم وتربيتهم على الإسلام بطريقة صحيحة، وذلك من خلال إنشاء مدرسة خاصة بأبناء المسلمين في اليابان، لحماية النشء المسلم من خطر الذوبان في المجتمع غير المسلم.




شبيك لبيك