- الإهدائات >> |
الملاك الأبيضلا أعرف علي وجه التحديد والدقة متى احببتها .. ولكن ما أعرفه يقينا ان حبها تسلل الي حياتي فأصبحت اتنفسه مع هواء الحياة ..قالت منذ البداية سأداوى جراحك فلم اصدقها ، ظنتها تمزح ولكنها وخلال فترة وجيزة مسحت ادمعي وقطبت جراحاً ظننتها صعبة المداواة ، وكأن مداوة جراح الناس من صميم حياتها ، داوت جرح قلبي واوقفت نزيف الدموع ..اصبحت اتلهف على لقياها خلال ساعات راحتها من المشفي ، كنت اعشق رؤيتها وهي عائدة ترفل في البياض ..عندما كانت تخطو على الأرض كنت احسبها لا تلمسها من رقة خطوتها .. دوماً عندما اراها تمشي اتذكر ام كلثوم وهي تشدو " واثق الخطوة يمشي ملكاً .. ظالم الحسن شهي الكبرياء عبق السحر كأنفاس الربا .. ساهم الطرف كأحلام المساء " .لم أكن أسالها عن يومها وماذا فعلت فيه ، فقط كنت احتضن يدها بين يداي ونجلس وابحر في بحار عيناها الزيتونتين دون كلام .. كم كان يعجبني فيها حمرة الخجل وهي تغزو خديها عندما اهمس لها بكلمة حب ، كانت تشيح عني وتقول : ( بنكسف ) ، كان خجلها بحمرته الوردية تعطيها سحرا ما بعده سحر من الصعب وصفه .دوما ما تقول لي لا تنادني باسمي ولكن نادني نسرينا ..ونسرينا هذا اسم اطلقته عليها ولا اعلم من اين اتيت به ولكنها احبته ، وعندما كنت اناديها باسمها كانت تظن اني غاضب منها وتأتي لترضيني ، كانت تشرد وتقول : ليت العالم كله ينادني نسرينا .. وعلى الرغم من ذلك كانت تصر ان يبقي اسم نسرينا سر بيننا فقط !!في الفترة الاخيرة لاحظت انها مشغولة عني بشىء لم اتبينه ، كانت تتأخر عن مواعيدها معي وعندما تأتي لاتلبث الا قليلا لحظات معدودة وتنصرف ، لم تشبع فضولي قط ولم تقل لي ما الذي اخذها مني مما جعل الظنون تفترسني فقررت ان ازورها في المشفي بغته علني اعرف السبب ..زرتها في يوم نوبتها الليلية ، قابلتني زميلتها فسألتها عنها فلم تفهم سؤالي .. انتبهت الي انني سالتها عن نسرينا وهي بطبيعة الحال لا تعرف من هي نسرينا .. كررت السؤال مرة اخرى ففهمت ولاح على محياها شبح ابتسامة سرعان ما اخفتها وهي تقول : انها معه في غرفته !! منذ ان جاء ولا تفارقه الا قليلاً اصبحت تأتي الي المشفي في غير مواعيد عملها لأجله ، وهو لم يكن يرضي بغيرها بديلاً ..جن جنوني وتمالكت اعصابي بصعوبة وطلبت منها ان تدلني علي غرفته ففعلت وتركتني وانصرفت ..ذهبت الي الغرفة ووقفت امام بابها لحظات فسمعت صوت ضحكتها ياتيني عذباً من خلف الباب ، دفعت الباب ودخلت دون ان اطرق او استأذن وما أن راتني حتي اشرق وجهها بإبتسامه انارت الغرفة .. لم اتبين وجه الشخص الراقد على السرير ولم اتلفت اليه وانما بادرتها بقولي : أهذا ما يشغلك عني ؟ من هذا ؟ ولم تقضين معه كل هذا الوقت ؟ ..فاجأها قولي ولم تستطع ان تحر جواباً وكانت عيناها تجاهد لكبح زمام دمعه تجاهد للإفلات منها .. وضعت يدها الرقيقة على فمي وكأنها تنبهني الي ان هذا المكان لايصلح فيه مثل كلامي ..سمعت صوت النائم يسألها في وهن : أهذا هو ؟ اجابته نعم عماه ..التفت اليه فوجدته شيخ طاعن في السن يجاهد ليلتقط انفاسه ، على وجهه رضا ووقار مع مسحة طيبة واضحه تجبرك على محبته فور ان تراه .. اشار الي ان اقترب منه ففعلت واشار اليها ان تتركنا قليلاً فخرجت ..اقتربت منه وجلست بجانبه وسلمت عليه فرد سلامي بأحسن منه وقال : نسرينا تحبك .. هي حكت لي الكثيرعنك ، وكم تمنيت ان اراك قبل ان تعاجلني المنية واشكر الله ان من علي واستجاب رجائي ..اعتدل قليلا واستطرد : انت تغار عليها .. هذا من حقك ولكن لم يأخذها منك غيري .. وابتسم في ابوه وقال وان شئت فاقتلني ..ابتسمت واطرقت الي الارض في خجل فقال : بني .. ان الله حباك بنعمه فحافظ عليها .. نسرينا الكل هنا يحبها كل المشفي يحب اشراقتها كل صباح ومساء يحب بسمتها يحب رقتها وعذب كلامها تداوي الجريح وتتألم قبل ان يفعل هو .. المرضي يتحملون الألم لأنها معهم تبث فيهم روح الحياة والأمل وتحنو عليهم وترعاهم وكأنهم صغارها .. هي ليست كغيرها تؤدي عملاً فقط ، لا ولكنها تؤدي رسالة نذرت نفسها لها ..وابتسم في حنان وقال : منذ ان عرفتك راينا نظرتها تتغير والسعاده تكاد ترقص في عينيها ، كانت تدخل علي كل صباح وهي تكاد تطير من الفرح لم نرها بهذه السعاده الا منذ عرفتك واحبتك ، كنت الاحظ انها صارت اكثر حنانا من ذي قبل ، وايضا لم نشاهد الدمع في عينها الا منذ عرفتك .. سالتها فباحت لي بخبيئة نفسها وما تخفيه عن العالم من حبك ، ولو تعلم مقدار حبك لديها لأفنيت عمرك في حبها . كم حكت لي عن عن رقتك معها عن طيبتك عن احترامك لها الذي جعلها تحترمك .. كم حكت لي عن غيرتك عليها ..سكت قليلاً ريثما يلتقط انفاسه وقال :بني .. نسرينا هاهنا مكانها لاتسلبها ما تحب .. فتفقد انت الروح التي احببتها .. انظر لها بنظرة اخرى وستفهم ما اقصده .. واستطرد : والان اذهب فداوي جرحها فجرحها لن يداويه الا انت ...لثمت يده بقبله ونظرت اليه فأومأ برأسه ان اذهب فخرجت وبحثت عنها فوجدتها في زاوية مستندة على الجدار وهي تبكي هتفت بلوعه نسرينا .. وهرعت اليها واحتضنت وجنتيها بكفاي فوجدت دموعها تنساب كحبات اللؤلؤ علي خديها .. رفعت رأسها ومسحت دموعها وانا اتطلع الي عينيها وهما تعاتباني في صمت .. اجلت النظر فيها عنيها الزيتونيه بشرتها الناصعة البياض ، انفها المستقيم فمها العذب الدقيق شفتيها الرقيقتين جيدها المرمري شعرها المنسدل كشلال من ليل بهيم يداها البضتين .. ملابسها البيضاء .. جوربها الابيض حذائها الابيض .. حتي غطاء رأسها ابيض .. كلها ترفل في البياض ..احتضنتها ودفنت رأسها في صدري .. مسحت على رأسها برفق استكانت في صدري همست بصوت كله رقة : ظلمتني .. قلت وانا اشعر بحنان العالم بأسره يتجمع في صدري وهي معي .. انت ملاكي الأبيض .قالت : ساترك العمل لأجلك .. ضممتها اكثر حتي شعرت بنبض قلبي بجوار قلبها وقلت .. لن ادعك تدعين العمل الذي تحبين .. قالت سأتأخر عليك .. قلت سأنتظرك .. قالت اخشي ان يطول انتظارك .. قلت سأنتظرك حتي اخر نفس في صدري واخر لحظة في عمري .. احاطتني بذراعيها وهمست في خفر : احبك ..شعرت وكأن الدنيا بأسرها ملك يدي فمنذ ان عرفتها كنت استشف الوجد في عينها ولكنها لم تنطقها خجلاً ابدا .. والان قالتها فمن اوفر مني حظاً ..ابعدتها عني قليلاً ورفعت راسها قليلاً وتطلعت الي عيناها كم هي جميلة .. امسكتها من يدها وقدتها الي غرفته لأشكره .. دخلنا عليه فأبتسم وهو يرانا معا والسعاده تغمرنا معاً .. قلت له منذ الان لن اناديها الا بالملاك الأبيض ..هزت رأسها معترضه فتطاير شعرها وقالت : لا تنادني الا بما احب ..قال هو : هل نسيت ما تحب ان تناديها به ؟قلت وانا اضمها الي : لا .. ساظل ما حييت اناديك بنسرينا ..قالت والفرحة تتراقص على محياها : وعندما يسألونك من هي نسرينا ؟قلت سأجيبهم : نسرينا هيملاكي الأبيض .
رائع يامان
جميله جدا
تسلم ايدك
روووووعة جعلتنا نحبها بالفعل يالها من ملاك.
شكرا يااخى لطرحك البديع.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)