- الإهدائات >> |
-"امشوا من هنا! انأ مش هبيعلكم" هذا هو ما قاله إبراهيم علي محمد (بائع الخبز) للناس التي وقفت في(طابور العيش)تحاول أن تحصل علي لقمة عيش لسد جوعها.
أسنان إبراهيم لونها يقترب من السواد و اغلبها مكسور من شدة الانحطاط."يا بيه انا بقالي 20 سنة ببيع عيش و الشغلانة دي جبتلي السكر و الضغط"
انه يقف خلف شباك مزين بالقضبان الحديدية كأنه في سجن والناس تتدافع أمامه و تحاول إعطائه النقود بأي شكل للحصول علي الخبز.
كانت هذه مقدمة مقال كامل نشر في النيو يورك تايمز الأمريكية و فضح كل أسرار رغيف العيش المصري المسكين و جاء فيه
"أنت يا اسطي!! انا بعتلك قبل كده النهارده! اتكل بقي" إبراهيم يصرخ مرة أخري في شاب يبدو و انه يعمل في محطة للبنزين.
انه من الصعب جدا علي الشعب المصري أن يكون لديه اكتفاء ذاتي و45% من الشعب المصري يعيش بأقل من 2 دولار في اليوم لهذا فإن محاولة شراء الخبز المدعم في مصر تعتبر تجربة شرسة.
مصر دولة الفساد فيها نظام.و لهذا يلجأ الناس للشراسة في شراء رغيف الخبز الحكومي المدعم لأنه يمكنهم بيعه مرة ثانية بضعف الثمن
"اللي متغيرش في مصر من 50 سنة مش هيتغير دلوقتي" هذا هو ما ختم به بائع الخبز كلامه و نحن لا نعرف إن كان يتحدث عن الفوضى التي أمامه من الناس ام عن الخبز الرديء الذي خلفه.
اغلب المشاكل التي تواجه مصر تتجسد في رغيف العيش المدعوم. و الحكاية تتحدث عن دولة التصق بها الماضي ، وتناضل من اجل الوصول للمستقبل، و لا تستطيع أو ربما لا تريد قهر الفساد أو حتى جعل الناس تهتم بأمور بعضها البعض.
كيف يمكن إصلاح نظام يساعد في تغذية أكثر من 80 مليون مواطن دون التسبب في اضطراب اجتماعي؟؟
هذا هو التحدي الأكبر لمصر و هو نفس التحدي الذي يواجهه المخبز الذي يعمل له إبراهيم
الخبز في اللغة المصرية يسمي (عيش) أي الحياة و ليس (خبز) كباقي الأقطار العربية. و كلمة (عيش) لها (مدلول كبير) كما قال حمدي الجزار،مؤلف قصة (السحر الأسود) المشهورة التي تم ترجمتها إلي الانجليزية الذي أضاف(علاقة المصريين بالخبز علاقة احتياج شديدة)
الحكومة المصرية بدأت في تدعيم المنتجات مثل الخبز و السكر و الشاي في أعقاب الحرب العالمية الأولي و هي تقوم بهذا الدعم حني ألان. و عندما حاولت الحكومة المصرية عام 1977 إيقاف هذا الدعم حدثت اضطرابات شديدة.
المصريين معروف عنهم عدم الاعتراض و لكن ابلغهم انك سترفع ثمن الخبز أي (العيش) أي الحياة و ستري منهم ما لن تراه من أي شعب أخر في العالم.
لذلك يستمر تدعيم الخبز الذي يكلف الحكومة المصرية حوالي ثلاثة مليارات من الدولارات كل عام. الحكومة المصرية تنفق علي الدعم،بما فيه دعم البنزين، أكثر مما تنفق في مجالات أخري مثل الصحة و التعليم.
و لكن مصاريف الدعم ليست هي وحدها التي تؤرق الحكومة المصرية، الدعم يؤدي إلي تفشي الفساد و عدم وجود ثقة في الحكومة، و انتشار سياسة (أنا و من بعدي الطوفان) في المجتمع المصري.
أكثر القطاعات فسادا في مصر هو قطاع "التفتيش" هذا هو ما قاله مفتش في الحكومة المصرية رفض تشر اسمه خوفا من العقاب.
وظيفة هذا المفتش أن يمر علي المخابز ليتأكد أنهم يستخدمون الدقيق الحكومي الرخيص ليصنعوا الخبز الرخيص ليباع حسب تسعيرة الدولة.
أسباب تعرض الخبز المدعم للفساد
و المفتش شرح أسباب تعرض النظام للفساد. الحكومة المصرية تبيع للمخابز أكياس ضخمة من الدقيق بسعر 8 جنيهات مصرية للكيس و المخابز المفروض إنها تصنع الخبز و تبيعه بالسعر المدعم لتحصل علي مكسب يساوي 60 جنيه مصري تقريبا من كيس الدقيق الواحد.
و من الممكن ألا يحدث أي شيء من هذا و يبيع الخباز كيس الدقيق ب 90 جنيه مصري في السوق السوداء.
المفتش الحكومي، الذي يتقاضي تقريبا 400 جنيه من الدولة شهريا كراتب، إذا اقر أن الخباز استخدم الدقيق بطريقة شرعية في صنع الخبز لمدة 3 أشهر، يحصل الخباز علي 5 جنيه كمكفئة من الحكومة.
المخبز الذي يستخدم 40 كيس دقيق يوميا لمدة ثلاثة أشهر يحصل من الحكومة بعد نهاية الثلاثة أشهر علي ما يزيد عن عشرة ألاف جنيه مصري (مبلغ جيد يمكن بسهولة مقاسمته مع مفتش حكومي مرتشي)
(أنا احصل علي 230 جنيه كراتب شهري من الحكومة) يقول المفتش الحكومي ويضيف (إذا أردت إطعام أطفالي و تعليمهم في مدرسة حكومية فأنا احتاج علي الأقل ل 1000 جنيه شهريا.
انه من الصعب تقييم الفساد لأن،بالطبع، أغلب أعمال الفساد لا تسجل و لكن في دراسة تشمل 180 دولة، مصر أصبحت رقم 105 في عام 2007 بعد أن كانت رقم 70 عام 2006 .
(أكثر من 14 مليون مصري لا يستطيعون الحصول علي احتياجاتهم الأساسية الغذائية و الغير غذائية لهذا يتكالبون أمام المخابز في الصباح البكر من كل يوم.
بالقرب من احد المخابز كان يجلس الطفل محمد عبد النبي يبيع الخبز يضعف السعر و لكن لم يكن أمامه طابور
-- منقول --
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)