- الإهدائات >> |
بسم الذي طاعت له الارض والسموات
حُــلمٌ سَاذج وَ ثَرثرةٌ خَرقاء...!
أُفكِرُ جَدياً بِمُطالبةِ أَصحاب الشَأن بإصدارِ وَ تَحريرِ
بِطاقةِ أَحوالٍ فِكرية / روحية / أخلاقية لِكُلِّ إنْسان
.
.
اغْبِطُ الحَيواناتَ كَثيراً لأنَّها لَمْ تُشَّرِعْ قَانوناً يَجعلُ مِنَ الأَرواحِ السَاكِنة فِي الأَجساد
مَجموعةً مِن الاوراقِ وَ الأَلقاب وَ تأريخ جَائِر مَخزونٍ فِي ذَّاكرة المُجتَمع
كَيفَ يَكونُ مُنصِفاً أَنْ نَرتَضي التَعامل مَعنا كَأرواح بِما دَوَّنهُ مُوظفٌ مُرهق بِخَطٍ بَائسٍ
عَلى وُريقةٍ " بِطاقةِ الأَحوالِ المَدّنية " وَ الّتي لا تُنصِفُ أَبداً فَصيلتنا الروحية وَ كَم برائتها
وَ مَدانا الفِكري وَ خزيننا المَعرفي
مِنْ المُحبطِ أَنْ يُقَيَمنا المُجتمعُ مِن خِلال مواصفاتِنا الجَسدية وَ الألقابِ الّتي لَمْ يَكُنْ لَنا خياراً
أَو دوراً فِي اكْتِسابِها
وَ الأَكثرُ إيلاماً أَنْ نَبقى رَهائِنَ جُنحةً اقْتَرفَها شَخصٌ مَا مِن أسلافِنا
وَ مَنحَنا إياها مَجاناً لِـ تُطَارِدَنا لعنَتها مَدى الحَياة ..!
.
.
فِي حَافلةِ الحياة الّتي نَتزَاحمُ فيها عَلى المَقاعِدِ المُريحة
وَ كَثيراً مَا نُحاولُ أَنْ نُخّادِعَ الجُبَّاةَ فِي دَفعِ الأُجورِ المُترتبةِ جَراءَ بقاؤنا هُناك
بِزَعمِ إِنَّنا _ دُهَّاة _ فِي قَضاءِ تِلكَ الرحلةِ بِتكاليفٍ أَقل ..!
.
.
الكَثيرُ مِنَ العَابرينَ جَلسوا إلى جِوارِنا فِي تِلكَ الحَافلةِ الفَانية
نَبذنا الكَثيرينَ مِنهُمْ بَغيرِ وَجهِ حَقّ
فَقط لأنَّ أَوراقَهُم وَشتْ بِسُلالةٍ نَزعمُ بِأَنَّ سُلالتَنا خيرٌ مِنها
أَوْ رُبما طَفا عَلَى سَطحِ ذَّاكرتنا بَقايا تأريخٍ مُعتلٍ وَشّمهُ المُجتمعُ فَوقَ جَبينِهُمْ
.
.
أَليسَ قَاسياً ألا نَملكُ الجُرّأة عَلَى إِشهارِ هُويتِنا أَو كَشفِ النِقابِ عَنْ تأريخ أسلافنا
بِوجهِ الأَخرين ..؟!
أَليسَ بَشِعاً أَنْ نَنبُذَ شَخصاً فَقط لأنَّهُ وَرِثَ هُويةً وَ تأريخاً لا يَروقُنا ؟؟
.
.
أَصل الحِكــــاية ...!!!!
كُنا فِي الطَريقِ لِبيتِ مَها
تِلكَ الّتَي عَادتْ مُؤخراً لِزيارةِ ذويها بَعدَ أَعوامٍ طَويلةِ مِنْ الغُربة
كُنتُ مُحرَجةً مِنْ تِلكَ الزّيارة لأنَّنا لَمْ نَتَّفقدْ تِلكَ المَها مِنْ قَبل بَلْ أِنَّنا لَمْ نُحسِنْ مُعامَلتها
فِيما مَضى ..!
بَالغتُ فِي إحضار الهَدايا لِـ مها فِي مُحاولةٍ بَائِسةٍ مِني لِـ تَحسينِ صورتي أَمامها
لَعَّلها تَنشغلُ فِي فَرحةِ الهدية عَنْ مُتابعةِ الخَجلِ الذي لَّونَ وَجهي
طَلبتْ مِنْ أَبي ألا نُطيلَ هُناك رُغمَ عظيم شَوقي للحَديثِ معها شَخصياً والإصغاء
لِما سَتُحدثُنا بِه عَنْ شَقيقتي الّتي تَسكُنُ إلى جِوارِها فِي بِلادِ الغُربة
وَ الّتي كَانتْ السَبب الأَهم الذي أَجبلنا عَلَى زيارةِ مَها وَ التَعامل مَعها بِطريقةٍ سَوية
وَ نَنسى بِأَنها إِنسانة مِن الدرجة الثَانية وِفقَ شَريعة العُرف السَقيمة ..!
وَ أَنا أُقلِّبُ الأفكارَ بِرأسي بَاغَتَني أَبي بِسؤالهِ عَنْ مَوقعِ بَيتِ مَها
فَــ أَخْبَرتُهُ بِأَنَّ بَيتَها يَقعُ إلى جِوارِ بَيتِ دكتور أَحمد مُدير مَشفى الحَيّ
لَمْ يَعرِفْ أَبي دُكتور أَحمد فَحاولتُ مُساعَدتَه عَلَى التَذكُر قائِلةً
: هُو شَقيقُ زينب الصَيدلانية الّتي تَعملُ فِي صَيدلية الشِفاء
فَــ ضَحِكَ أَبي ضِحكةً طَويلة وَ قَالَ لي
أَنتِ تَقصدين أَولاد " فاطمة الخَّبازة "
فَقُلتُ لَهُ يَا أَبي فَاطِمة الخبازة صَارت أُمّ الدكتور أَحمد وَ الصَيدلانية زينب
وَ أَظنُهُ مِن الأَجدرِ بِنا أَن نُكَافِئ نِضالِ تِلكَ الطَاهرة بِذِّكر انْجَازَاتِها
فَــ تَبسمَ أَبي بَسمةً سَاخرة قَائِلاً
: ذّاكِرة المُجتمعِ يا بُنيتي لا تَرحم وَ لا تُنصِف
: أيــــــــــــه كَما فَعلتْ مَع مَها يَا أبي
: أَحسَنتِ ,, أَتْعلمين مَها إِنسانةٌ نَبيلة وَ قوية الإِرادة
بَنتْ لِنفسها تأريخاً زاخراً بِالمجد وَ الفَخر
وَ لَمْ تَنكسر أَمامَ ظُلمِ المُجتمعِ لها
هي تَستحق التقدير وَ الاحترام
هُنا تَبسمتُ بَسمةً شَاحبة لَمْ تَخفِ مَلامحَ الاستياء عَلَى وَجهي
فأَردفَ أَبي قَائِلاً
: أَعلمُ بِأَنَّكِ مُستاءةً مِنْ هذا الاعتراف المُتأخر وَ لكِنَكِ سَتفهمينَ رَفضي لها مُستقبلاً
حَينَ تَكونينَ أُمّا فَتدرئين بِكُلِّ مَا أُوتيتِ مِن قوة كُلَّ مَا يُمكنهُ أَن يُسيء أَو يُتعب أَبناؤك
: لا مُبررَ للظُلمِ يَا أبي ,, لا مُبرر
فَـ تَنَهدَ أبي تَنهيدةً اخْتَزلتْ كُلَّ مَا يُمكن أَنْ يُقال ..!
احْتَفلَتْ مَها بِقُدومِنا احْتِفالاً زَادَ مِنْ تَعْثرُ ثَباتي
وَ أَربَكَ صَوتي وَ صَوت أَبي
وَ نَحنُ نَتجاذَبُ أَطرافَ الحَديث أَبدى أَبي شَفقَتَهُ لها
وَ هي تَحْتَسي كؤوسَ الغُربةِ فِي المَهجر
فَـ جَاءتْ مَها بِالضَربةِ القَاضية حَينَ أَخْبَرتْ أَبي
بأَنها لَمْ تَشعرْ بالغُربةِ هُناك بَلْ تَذّوقتْ الإِحساسَ بالانتِماء فِي بِلاد المَهجر لأولِ مَرَّة
حَينَ وَدّعنا مَها جَّفتْ الكلماتُ عَلَى شِفاهِنا
وَ مَضينا وَ فِي أَعماقِ كُلّ مِنّا صِراخ وَ صراع
وَ سَيلٌ مِنْ نَدمٍ وَ غَضب لا يَعرِفانِ وَجهَتَهُما
.
.
دَعوني أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَها قَليلاً
مَها مِنْ أَطهر وَ أَكملِ النِساءِ اللّاتي الْتَقيتُهُنَّ فِي حَياتي
لَكنها أَمستْ أَكثرُهنَّ تعاسة
مُجتمعُنا سَقيم الذّاكرةِ وَ الأَحكام قَررَ أَنْ يُدينَ مَها بِـ جُرمِ أُمِّها الّتي هَجرتْها
مُتمردةً عَلى العُرفِ وَ الشَرع لِـ تَنحرِفَ عَنْ المَسار القَويم الّذي لا يَرضى المُجتمع
لأيِّ أُنثى سِواه
صَبِئتْ تِلكَ التَائِهة عَنْ شَريعة الطُهرِ وَ الفَضيلة
لِـ تَرِثَ مَها بِـ جَريرةِ أُمَّها أَبشعَ إرث وَ أَلعنَ وَ أَقبحِ تَرِكة
كَانتْ مَها التلميذةُ الأَنجب وَ الأُنثى الأكثرُ حُسناً وَ الأَرفعُ خُلقاً وَ سلوكا
بَيدَ إِنَّها كَانتْ وَ لَمْ تَزل رَهينة الشُعور بالنَبذِ وَ الإقْصاء اللذينِ كُنّا نُغَذيهُما
باستمرار
كَانتْ تَتلقى كُلَّ صَباحٍ عُقوبةَ ذلكَ الإرث رُغمَ أَنَّها نَشَأتْ بأحضانِ أبيها الرجل الصالح
و جَدّتها السيدة الفاضلة العَفيفة
إلا أَنَّنا لَمْ نَكّف عَنْ مُعاقبتِها كُلَّ حينٍ بِذلكَ الجُرم الّذي لَمْ تَقترفه ..!
لَمْ يَشفعْ لِـ مَها حُسنُها الآخاذ وَ لَمْ تَدفعْ عَنها سّيرتُها الناصعة البياض
بَلْ تَابعَ المُجتمع مُسلسل القّصاص فيها حَتَّى مَزَّقَ حُلمها بِالفُستنانِ الأَبيض وَ البيت الدَافئ
كَانَ أَبي أَحد الجَلادين الذينَ أَقاموا الحَد عَلَى مَها حَينَ رَفض وَ بِشدة رَغبةَ شَقيقي
فِي الزواجِ مِنها
.
.
.
زَاويةٌ أُخرى ...!!
دُكتور زياد إِنسان نَاجح بِكُلِّ مَعنى الكَلمة ولا عَجب فَهو نَظَّمَ حَياته عَلى قَاعِدة
" احفظْ الله يَحفظك "
تَزوجَ مِن فَتاةٍ أجنبية نصرانية أَسلمت عَلَى يّديه بِفضلِ الله
لَمْ يَكتَرث لِـ نَظرةِ المُجتمع لأنَّه مؤمن بِأَنَّ الحياة هي قَاعة امتحان لا غَير
وَ كُلُّ مَا نَرتَديه مِنْ ألقابٍ و أنساب وَ جَاه لِـ نَتنمر بِه عَلى بعضنا البَعض
لَنْ يُغيرَ نَتيجة الامتحان للأفضل
.
.
خُلاصة ..!!
لا زِلنا نُعاني مِن عِلل الجَاهلية الّتي سَتبقى تَنبض فِي فِكرنا حَتّى نَفقهُ حَقاً حِكمة الإسلام و غَايته
نَجهلُ الكَثير وَ لَكن أَعظم مَا نَجهله هي إِرادة اللهِ فينا وَ مِنا
وَ كَذلك العِّلل الروحية وَ السلوكية الّتي تَفتكُ بإيماننا
نَحنُ بِحاجةٍ لِــ إعادة تَربية إسلامية لِنفوسنا كي نُشَّيدَ ركَائِز العِبادة الحَقيقية
لِـ تُبعَثَ مِن جَديدٍ فِي نُفوسِنا روح الفِطرة روح المُسلم الحَقيقي ...!
.
.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)