أهلا وسهلا بك إلى فكك مني Fokak Meny.
  • تسجيل الدخول:

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

اللهم اعطنا القوة لندرك أن الخائفين لا يصنعون الحرية ، و الضعفاء لا يخلقون الكرامة ، و المترددين لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء

- الإهدائات >> فراشة الاسلام الي فكك منى : المنتدى وحشنى اوووووووووووووووووووى رغم الفضاء والتصحر ده كوكى الي مصطفى شومان : انت فين يا ابنى انت انا جيييييييييييييت ده لو انت فاكرنى اصلا؟؟؟؟ فراشة الاسلام الي اعضاء منتدى فكك منى : كل سنة وانتوا طيبين وعيد سعيد عليكوا Mannora الي اصحااااااااااااب زمااان : مس يووووووووووووووو فينيام زمان كنا بنذاكر ع فكك ونطبق يوميا يخرب بيت الفيس بقى مجهول الي fokakmeny_down : منتدى ثقيل دم موووو حلووو أستغفر الله العظيم لولا الي كل المنتدى : وحشتونى وحشتونى وحشتونى وكل سنة وانتم طيبين وبخير همسة الي فكك منى : وحشتنى يا منتدايا الغالى , سلامى لكل الناس اللى موجوده وبالأخص صحابى ,فكك منى 2007 و 2008 كان بيتنا وجنتنا. فراشة الاسلام الي كل اعضاء فكك منى : اووووووووووف الدراسة تانى مش هخلص انا شكلى باااااااااااااااى باااااااااااى فكك منى فراشة الاسلام الي كل كل اعضاء منتدى فكك منى : احلفكوا بأيه فوووووووقوا شوية .......حرام عليكم المنتدى عفن من كتر الركنة الشبح الي كل اعضاء فكك منى : لقد عاد شبح المنتدى من اراد منك شئ فليطلبة منى

معلومات الموضوع

الحلقة الثانية " الهروب من الطفولة" مذكرات الدكتور مصطفى محمود

رابط الموضوع لارساله الى اصدقائك
https://fokakmeny.fokak.us/showthread.php?t=21441

النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1
    I ♥ Egypt
    الصورة الرمزية Spider GirL

    رقم العضوية : 427
    تاريخ التسجيل : Oct 2007
    المشاركات : 10.114
    مزاجي : Cold
    شكراً : 0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    مقالات المدونة : 3
    الدولة : النيل المصري
    الجنس : ذكر
    العمر : 36
    بيانات الاتصال :
    تابعني :
    الحالة : Spider GirL غير متواجد حالياً
    تقييم المستوى : 10
    Array

    افتراضي الحلقة الثانية " الهروب من الطفولة" مذكرات الدكتور مصطفى محمود

    الحلقة الثانية.. الهروب من الطفولة

    إن سر القلق:

    أننا نعيش بلا دين .. بلا إيمان وأن ديننا هو من الظاهر فقط.. كلمات على الألسن فى المناسبات وصلوات تؤدى بحكم العادة..

    فاعرف نفسك تعرف ربك،

    أصبح الآن بحكم الوصول لابد من المرونة والتكيف.. حتى لا نصطدم ونشتبك ولابد لنا من المداهنة والمجاملة والتملق واكتساب الناس بالكذب عليهم،
    لابد أن ننافق الذين نكرههم لأن لهم فائدة ونتجنب الذين نحبهم لأنهم يعطلوننا فى الطريق..

    بالفعل إن نجاحنا يعتقلنا.. ينتهك حرماتنا

    وفى الوقت الذى نظن فيه أننا ننجح ونحقق أحلامنا إذا بنا فى الحقيقة نفقد هذه الأحلام.. ونفقد أنفسنا وكل هذا من أجل إشباع حوافز الطعام والجنس وحب السيطرة.

    *******
    مازالت ذكريات الطفولة تنساب..
    حكايات الطفولة غير العادية لفيلسوف الشرق.. فيقول:

    «طفولتى كانت غريبة وعجيبة.. كانت لا تستقر أبدا أو تعيش على الأرض التى أقف عليها، كانت سلسلة من الأحلام الجميلة والشيقة التى أغوص داخلها، طفولتى كانت سلسلة من الهروب، هروب من واقعى المريض العليل أو هروب من مرحلة الطفولة نفسها، التى بطبيعتها ضيقة تحصر الطفل بحكم السن داخل حدود صغيرة جدا،


    بينما كانت طبيعتى نفسها أكبر من المرحلة العمرية، فكانت تراودنى أحلام كبيرة وضخمة..
    لا تقل فى ضخامتها عن جبال غابات الأمازون التى تمنيت مشاهدتها وتمنيت رحلات للغابات الاستوائية التى كنت أقرأ عنها فى الكتب والقصص وأظل ساعات طويلة أعيش فى حالة من الخيال الذى يدفعنى لأن أصدق أننى ذهبت إلى هناك فى ثوان معدودة ومارست اللعب مع القرود والغزلان وسارعت بالهروب من الأسود والنمور قبل أن تبتلعنى..
    وكنت أترك لقلبى وعواطفى وعقلى العنان.. بلا قيود..



    وما شجع هذه الخيالات والأحلام طبيعة المناخ الثقافى الذى عشته وعاشته أسر الطبقة المتوسطة فى هذه الفترة الزمنية فى الربع الأول من القرن الماضى،

    حيث كنت أداوم على مشاهدة روايات طرازان والسندباد والسندريلا فى أفلام السينما والتى بسببها كنت أقترض بعض مصروفات إخوتى لأنى أنفق مصروفى بالكامل فى أيام معدودة من أجل مشاهدتها أكثر من مرة وعشقت قصص السندباد وربنسون كروزو وأعجبت بقصة تحطيمه لمركبه ليعيش فى الغابات بين الأشجار الكثيفة والقرود والحيوانات،
    وتمنيت أن أفعل مثله لأنه ليس هناك أجمل وأروع من أن يعيش الإنسان على الفطرة والطبيعة التى خلقها الله بدون تدخلات وعبث البشر بها والتى تفسدها باسم التحضر والتكنولوجيا.

    ومن الممكن القول بأن المناخ الثقافى لهذه الفترة كان سبب نضوج عقلية مصطفى محمود)

    ولكنه قال: كان أحد الأسباب فقط، فأبى شكّل الدعم الأكبر فى هذه المرحلة..
    فمن المشاهد التى لا أستطيع حتى اليوم أن أنساها أبدا أنه بينما كان الآباء من جيراننا يدخلون بيوتهم وفى يد الواحد منهم كيس من الفاكهة أو الخضار، كان أبى يترك شؤون البيت هذه لأمى، فأبى لم يدخل البيت أبدا وهو يحمل «ربطة فجل»، كان يحمل دائما فى يديه المجلات والكتب..



    ولا أنسى عندما دخل وهو يحمل ربطة كتب ومجلات ملفوفة بخيط دوبارة وأعطاها لى بدون أن يذكر لى ماذا أفعل بها..


    كنت مازلت طفلا صغيرا وبالتالى كانت النتيجة المنطقية أن أقوم بتقطيع معظم هذه الكتب،
    إلا أننى وأنا ألعب وأمرح على بقايا مذبحة الكتب وقعت عيناى على إحدى صفحات مجلة وجدتها تحمل صوراً ورسومات شيقة لقصة مصورة.. أعجبتنى جدا.. وأردت أن أعرف باقى القصة.. ودفعنى عقلى الصغير إلى محاولة إعادة تجميع وترتيب القصة كلها.. وكانت بداية القراءة معى.. وكان هذا ما يريده أبى الذى كان يراقبنى من بعيد، بينما كان من فى مثل عمرى لا يستطيعون حتى الرضاعة.


    كما أن هناك مشاهد فى طفولتى لا يمكن أن تنسى أو تنمحى من ذاكرتى

    فقد كنت أحب وأعشق المدرسة ويوم الجمعة كان يوم الإجازة الأسبوعى من المدرسة،أو كما كنا نسميه يوم المسامحة،

    وكنت أتمرد على هذه التعليمات وأذهب فى الصباح وأقفز من فوق السور إلى داخل المدرسة حتى لا يرانى الخفير وأتجول فى الفصول حتى يحين موعد أذان العصر ثم أمضى إلى أصدقائى وأقص عليهم أننى كنت فى المدرسة اليوم فيقولون غير مصدقين «اليوم هو المسامحة» فأقول «أنا معنديش مسامحة أبداً»


    وكان أحب الأيام لقلبى عندما أرتدى الزى الجديد فى أول يوم دراسى والأيام التى كنت فيها أقود مراكبى التجارية إلى الهند أثناء تساقط الأمطار الغزيرة بمنتصف فصل الشتاء فى فناء المدرسة فقد كنت أصنع مراكب من الورق وأسيّرها فى المستنقعات الصغيرة والبرك التى خلفتها الأمطار وأتخيل أنها ذهبت إلى الهند وأنى أقودها وأثناء الرحلة تقابلت مع الهنود ونشبت بينى وبينهم صداقة حميمة وعشت مع البسطاء فى أكواخهم الموجودة فى أعالى الجبال وركبت الفيل وتجولت به وسط الغابات،

    وبعد انتهاء الرحلة عادت وهى تحمل ملابس وطرحاً هندية جميلة وعاجاً وسواكاً وبخوراً ولكن كما كانت هذه القصص الغريبة والعجيبة وغيرها سبباً فى شعورى بالسعادة وأننى أختلف عن الآخرين..
    كانت سبب متاعبى المستمرة لمدى غيرة أصدقائى منى لأننى لا أشاركهم ألعابهم وصراعهم وتصوروا أننى أتكبر عليهم رغم أنى كنت أكن لهم كل الحب والتقدير ولكنى طفل ضعيف لا أقوى على مسايرتهم وممارسة ألعابهم..
    وهنا وجدنا أن هناك سؤالاً مهماً وهو: لماذا يذكر مصطفى محمود أحلام طفولته بهذا الكم الهائل من التفاصيل والأماكن؟

    ووجدنا الإجابة..

    لأنه هنا يظهر الفرق عند الدكتور مصطفى محمود.. فهذه التفاصيل هى الخلاصة بمعنى أنه ما من طفل لا يحلم لكن لا يضع كل الأطفال أمامهم هدفاً لتحقيقه..

    أما مصطفى محمود فهو لم يترك حلماً واحداً إلا وحققه فيما بعد.. مثلا أحلامه بزيارته للهند والتى حققها فيما بعد عندما سافر للهند وأقام هناك فترة طويلة تعلم فيها معظم أسرار الحضارة الهندية مثل الفنون والعبادات الهندية..

    وأحلامه عن الغابات الاستوائية وحبه للحياة الأولية للإنسان (الفطرية) وهو ما حققه بالفعل فيما بعد فى زيارته الشهيرة إلى وسط أفريقيا والتى عاد منها سيرا على الأقدام.

    ولكن زاد حنقهم وحقدهم على أن يواصل حكاياته عندما علموا أنى غارق فى قصة حب تجاه فتاة كانوا يتقاتلون عليها، وقد كنا نتجمع أنا وأصدقائى وأبناء الجيران فى بير السلم وكان معظمهم أصدقائى فى المدرسة وجيرانى فى شارع الحلو بطنطا ونتبارى لإبراز مواهب كل منا وكانت تجلس معنا تلك الفتاة ناصعة البياض ذات الشعر الأشقر ابنة الجيران «عدلية» وكانت جميلة جدا وعمرها تسع سنوات ووالدها يعمل معاون إدارة زراعية وكانت تبهرها مواهبى التى تفوقت وتميزت بها على أبناء الجيران وأى طفل آخر فى عمرى،


    فقد كنت أغنى وأقرأ القرآن بصوت يشبه صوت الشيخ محمد رفعت - كان صوتى جميلا- وبعدها علمت أنها تبادلنى نفس الشعور بعد أن قبلتنى أول قبلة فى حياتى فى خدى تحت بير السلم، كنت أحكى لهم جميعا– ولها بالذات- حكايات من وحى الخيال فقد كانت تجلس ككليوباترا أو نفرتيتى بيننا وتطلب من كل طفل أن يحكى قصة من بنات أفكاره لترى من يستحق حبها وكانت حكايتى هى التى تفوز دائما وبعد أن أنهى حكايتى كانت تنظر إلىّ نظرة لم أنسها حتى الآن.. نظرة انبهار.
    .
    وأقسم بأننى لا أعرف كيف كانت تأتينى أفكار هذه القصص والحكايات ولكننى اكتشفت أن حبى لها هو ما كان يدفعنى لأتفوق على باقى الأطفال


    ودائما كنت أحمد الله لأنها تختار أن تسمع قصصاً وذلك لأنها إذا طلبت أن نتبارز ونتصارع لتعرف مدى قوتنا ومن يستحق حبها فكنت سأخسر المنافسة لا محالة،
    وعلى مدى الأيام والشهور كنت أولع بحبها وازداد إعجابها بى وعندما أردت أن أهديها شيئاً فكرت كثيرا وكنت أسأل إخوتى الذين علموا بالأمر، الذى صار حديث أطفال الشارع والمدرسة جميعا وأطلقوا عليه «قصة حب محمود وعديلة» ولكن استقر رأيى فى النهاية على نوع الهدية، الذى كان كتاباً يحتوى على أشعار فى الحب وبعدها بأيام قليلة وجدتها تهدينى أول هدية حصلت عليها فى حياتى من الجنس الآخر وكانت عبارة عن «فيل عاج صغير» وفرحت به جدا لأنى كنت - كما ذكرت - أحب الحيوانات.


    ولأن عديلة كانت جميلة جدا فكان صعباً على جميع الأطفال الذين فعلوا المستحيل من أجل أن تنظر إليهم نظرة واحدة أن يصدقوا أنها فضلتنى عليهم،

    وكانوا كلما شاهدوا هذا الحب فى عيونى أو عيونها يُجنّون، وشرعوا فى مضايقتى بأن يرددوا عبارة «من همه بيحب أد أمه» وذلك لأنها كانت تكبرنى بسنتين،

    وفى النهاية اتفقوا مع بعضهم ولم يجدوا طريقة لكى يخلصوا منى سوى أن يضربونى علقة ساخنة ونفذوا اتفاقهم عند عودتى من المدرسة ولم يكتفوا بذلك بل أصدروا «فرمان ومرسوم عيالى» بعدم دخولى الشارع ولكن تدخلت المفاوضات التى رضخوا لها بصعوبة شديدة بعد تعهدى بأن أبتعد عنها ولا أحاول رؤيتها وأنا ضعيف لا حول لى ولا قوة ولا أستطيع أن أحاربهم فى لعبة الوعاش معى هذا الحب فترة تجاوزت السبع سنوات رغم كل محاولات خصومى من الضرب والطرد والتهجير من الشارع، أى أنك تستطيع أن تقول إن حبى الأول هذا قد انضم إلى رفاق الطفولة الأخرى مع القصص والكتب والمجلات والأفلام.

    ثم دخلت الثانوية أو كما كان يطلق عليها التوجيهية وبدأت القراءة تؤتى ثمارها.. فقد بدأت فى كتابة الشعر والقصص والروايات وظهرت اهتمامات أيضا بالعلوم لدرجة أنى أنشأت معمل اختبار داخل بدروم المنزل

    وأغرقت نفسى ليل نهار فى التجارب العلمية والتى كانت ستودى بحياتى أكثر من مرة بسبب حدوث بعض الحرائق وانفجارات صغيرة كل فترة..
    وأغرقت نفسى بالعلوم التى كنت شغوفا بها مثل الكهرباء والبطاريات وجهاز التقطير والميكروفون والرسم على الورق وتنفيذ اختراعات لأجهزة،


    أننى كنت لا أرتاح فى فترة الإجازة وهو ما دفع والدى إلى أن يبيع هذا المعمل لخوفه على..
    وأتذكر أننى كنت أتمنى دائما زيارة الغابات الاستوائية التى رأيت صورها لأول مرة داخل كتاب الجغرافيا الذى درسناه فى السنة الرابعة بالثانوية وقد تصفحت هذا الكتاب الكبير باهتمام شديد أكثر من عشر مرات، وعندما كان يسأل المدرس فى مادة الجغرافيا كان الجميع يقولون لن يستطيع أحد أن يجيب غير مصطفى محمود فهو يعلم موضع كل حرف داخل الكتاب حتى إننى حصلت على سمعة كبيرة فى المدرسة بأننى محب لمواد الطبيعة والجغرافيا والعلوم


    «وهذا كان سبباً فى أننى كنت الأول على المدرسة فى الثانوية»


    وقرأت كثيرا عن أفريقيا وبصفة خاصة جنوب السودان ونيجيريا ولم اكتف بذلك بل كنت أنزع صور القرود والحيوانات الأفريقية لأزين بها حجرتى بدلا من كبار الفنانين والمطربين ونجوم الكرة وأبطال الرياضات المختلفة التى كان إخوتى يعلقونها داخل حجراتهم.


    وبعد تفوقى فى المرحلة الثانوية التحقت بكلية الطب جامعة القاهرة التى كانت دراستها قاسية وتحتاج إلى مجهود مضن إضافة إلى اعتراض أهلى الشديد على هذا الأمر لكونهم كانوا يرغبون فى التحاقى بكلية الحقوق- التى كانت تخرج الوزراء والباشوات وقتها-


    وتحملت كل ذلك لأنه كان لى أهداف أخرى من دراسة الطب غير أن أكون طبيبا.. فكما ذكرت فى السابق أن رحلتى من الشك إلى الإيمان أو اليقين صاحبتنى فى سن صغيرة.


    الشك ظهر لأنى أريد أن أفهم ما يدور حولى، لم يكن طبيعيا أن يتقبل عقلى كل الأشياء والمعتقدات المتوارثة بسهولة..

    مثلا مثالى الشهير الذى ذكرته من قبل هم علمونى وأنا صغير أن كل (مخلوق) فى الدنيا له خالق.. كل مصنوع وموجود له من صنعه ومن أوجده..
    فكنت أنا أتساءل فى عناد: إذا كان كل شىء له خالقه فمن خلق الله ومن أوجده؟.. فإذا أجبتمونى بأنكم مؤمنون بأنه موجود بذاته فلماذا لا تؤمنون بأن أى شىء آخر مثل الدنيا قد أتى بذاته..

    طبعا أنا ذكرت من قبل أن هذه الطفرات الذهنية وهذه المناطق المعقدة كنت أصمم عليها ليس من قبيل الزهو بعقلى وأفكاره المتطورة ولكن من أجل أن أصل إلى يقين يزيد من إيمانى..

    وكانت أفكارى أو أسلوب تفكيرى أحد أسباب اختيارى لهذه الكلية وهو ما تحقق بالفعل فيما بعد..

    فبعد أن تعرفت على البكتريا التى تسبب الأمراض.. وكيفية علاجها.. وبعد وقوفى أمام الجثث الموجودة داخل المشرحة بالساعات..

    وجدت نقطة البداية للإجابة عن كل ما يدور فى فلك الحياة وكل ما يدور حولى وعرفت جيدا من أين جئنا وإلى أين سنذهب

    وكان الوقوف أمام الموت فى المشرحة البداية الحقيقية للإيمان..

    ومن المضحك أن لهذا السبب تعلقت بشدة بالمشرحة،فقد كنت أول طالب يدخلها وآخر من يغادرها،

    وفى يوم من الأيام كنت داخل المشرحة ولم أشعر بالوقت وأغلقوا على أبوابها دون أن أشعر أو يشعروا بوجودى ولكنى عندما انتهيت من العمل ووجدت الأبواب مغلقة وكان الجو بارداً جدا ناديت على الحراس بأعلى صوتى لمدة ربع ساعة حتى سمعونى وفتحوا لى الأبواب وصارت القصة تتردد داخل أرجاء الكلية فى اليوم التالى:


    وبسبب تلك القصة أصدر عميد الكلية تعليمات للأمن بأن يتفحصوا المشرحة جيدا قبل غلقها وفوجئت عند دخولى المدرج ذات مرة متأخرا وكان الدكتور صادق يشرح للطلبة بأن قال لى ادخل يا «مشرحجى» ومن بعدها وجدت الجميع يطلقون علىّ لقب المشرحجى .. وتعلقت بالتشريح وبهذا العلم العجيب..

    وأتذكر أننى من عشقى للجثث والتشريح قمت بشراء جثة إنسان ميت بـ٥٠ قرشا وحملته بصعوبة وكان وزنه ثقيلا لأنه تغمره مادة الفورمالين التى تحفظ الجثة من التآكل أو إصدار رائحة كريهة..

    وذهبت إلى المنزل وأنا سعيد جدا بالجثة التى أحملها وبمجرد دخولى حجرتى وضعتها فى حوض من الفورمالين لكى ينشفها

    وعندما شاهدتنى أمى «رقعت بالصوت» وأصابها الهلع والخوف وفقدت الوعى وأسرعت لها وعندما فاقت صرخت فى وجهى «إيه المصيبة اللى انت جايبها البيت دى؟.. بنى آدم ميت.. حرام عليك.. حرام عليك.. ترضى لما أموت حد يعمل فىّ كده..


    ويبقى إيه العمل لو أهله راحوا المقابر وملقوش جثته»
    فضحكت مما قالت وقبلت يدها أطلب منها السماح لأنى تسببت فى فزعها وقلت لها سامحينى يا أمى لابد أن أذاكر على هذه الجثة دروس التشريح طوال إجازة الصيف لكى أنجح بتفوق،
    وبعد ساعات من المحاولات بإقناعها بأن هذا لصالحى وافقت على أن تبقى الجثة فى البيت ولكن على شرط أن أقوم بتنظيف حجرتى بنفسى طوال فترة وجودها بالبيت لأنها لن تقترب منها ووافقت وأغلقت على باب حجرتى ووضعت تحت سريرى جثة إنسان رجل ميت عاش معى أربعة أشهر طوال فترة إجازة الصيف
    وكنت كل يوم أقوم بوضعها على منضدة التشريح وأتدرب عليها وأدرس كتب التشريح وبعد الانتهاء أضعها تحت السرير فى الحوض الملىء بالفورمالين


    وبعد انتهاء فترة إجازة الصيف أصبحت لا أحتاج للجثة المهلهلة من العمل بها طوال أربعة أشهر فقمت ببيعها لأحد أصدقائى بـ١٥ قرشاً ولكن رائحة الفورمالين التى ظللت أشمها طوال أربعة

    أشهر تسببت لى فى أزمة صحية حيث ظللت بعدها سنوات طويلة أعالج من النزلات الشعبية.. فالجثث والمشرحة لها فضل كبير فى تغيير طريقة تفكيرى..


    وذلك لأن المفكر الحقيقى لا يجب أن يؤمن بالأشياء على طول الخط أو يكفر بها على طول الخط

    ولكنه بطبيعته يعيد النظر دائما فى الأشياء ويصحح الأخطاء مهما كانت ودائما يختلف المفكرون عن الذين ينظرون للأشياء بنظرة قلبية بلا أى شك لأن كل شىء من حولهم معرض للشك حتى يثبت له العكس

    والإنسان الطبيعى والعادى حين يبدأ مشواره ورحلة الحياة فهو يبدأ بالمسلمات الأولية التى أمامه مباشرة وليس أى شىء آخر ولا يشغل تفكيره بـ«لماذا وكيف ومتى»
    ولكن الأشياء التى تقع تحت حسه هى التى يراها ويسمعها ويتعلم منها

    ولكنى تمردت على كل هذه الطريقة التقليدية والروتينية وبدأت فى طرح الأسئلة التى كنت دائما لا أجد إجابة عنها فرغم انهماكى فى مواد كلية الطب إلا أنه كان يشغلنى دائما البحث عن إجابات لأسئلتى.. فى البحث عن اليقين.


    لم يمنعنى كل هذا عن ممارسة هوايات كنت أحبها فقد كنت منذ الصغر أحب الموسيقى وكان صوتى جميلاً


    ووجدت أن الكثير من الفنانين تخرجوا فى كلية الطب ومن الممكن أن نرجع السبب فى كل ذلك إلى أن الأطباء دائمو الوقوف أمام الموت

    وهم أقرب إلى الميت من الآخرين فيرون كل يوم بأعينهم الموت وهو يقبض أرواح البشر فى الوقت الذى يفر فيه الجميع منه ويهرولون حتى الأقارب وأقرب الأقربين والأصدقاء

    فى حين أن الطبيب الذى يعد أشجع إنسان تأتى به البشرية هو الوحيد الذى يواجه الموت ويحدق فى عينيه متحديا ومحاولا إنقاذ المريض هذا فضلا عن أنه الوحيد الذى يحضر ميلاد الإنسان ورحيله


    وأول من يستقبل الإنسان فى الوجود وأيضاً آخر من يودعه من الوجود
    وبالفعل هى لحظات رهيبة تكون قادرة على أن تخرج من داخلنا مارداً كبيراً اسمه الكاتب والموسيقار والشاعر والراقص

    وقد ولد الفنان داخلى قبل هذه الظروف منذ أيام والدى الذى عشقته وكان مصدر الإلهام الأول فى حياتى فقد كان يحول بصوته الجميل الأرقام الحسابية إلى نغمات جميلة وهو يقرأ ويراجع أعمال وحسابات الموظفين


    ولكنى ترجمت مشاعرى الفنية إلى أشياء واقعية وملموسة داخل مقام السيد البدوى بطنطا الذى نشأت بجواره وفى رحابه مع حلقات الذكر والتواشيح الدينية والابتهالات الصوفية والطبل والدفوف التى تصاحب أهل الذكر
    وبعد ذلك بدأت أعشق العزف على الناى فى شباك غرفتى أثناء الظلام والسكون والهدوء الذى يسبق دخول الطائرات وسماع دوى صوت القنابل وانفجارات غارات الحرب العالمية الثانية
    وكنت أشعر بأن هذا أنسب وقت لأخرج من داخلى مارد عازف الناى دون أن يراودنى شعور الخوف والاختباء فى الخنادق التى كان يسارع الناس إليها فى ذلك الوقت وكنت فى هذه الأيام بنهائى كلية الطب.


    وقد شاء القدر أن أتعرف على الأسطى عبدالعزيز الكمنجاتى والراقصة فتحية سوست وكانا أصحاب فرقة لإحياء الأفراح والطهور واتفقا معى أن أنضم لفرقتهما ووافقت دون مقابل مادى وهذا ما أثار دهشتهما

    ولكنى قلت لهما أنا أهوى العزف فقط ولا أنوى احترافه،
    كان لا يجب أن أخبرهما بالسبب الحقيقى كنت أفضل أن أحتفظ به لنفسى..

    فقد كنت فى ذروة انفعالى التفكيرى.. عدم اليقين بأى شىء نهائى– أنا كنت أحتاج أن أخوض التجارب، كل شىء أجربه وأحكم عليه.. وكان يأتى إلى البيت الأسطى عبدالعزيز وعندما تفتح له والدتى يقول لها قولى للدكتور الليلة فيه فرح فى درب البغالة أو فى الأنفوشى أو فى السيدة

    وكانت والدتى تنزعج جدا وكانت تعنفنى وتغضب لما أقوم به ولم تستوعب أنى أريد أن أترك نفسى للتجارب والبحث عن اليقين.



    وفى أحد الأيام حدث شىء طريف للغاية لم أنسه حتى الآن وكنت دائما أحكيه لأولادى ونضحك كثيرا من طرافة الموقف،
    حيث كنت أعزف مع الفرقة فى أحد الأفراح الذى كنا نحييه على سطح أحد المنازل بالأنفوشى وصادف أنه كان هناك مجموعة من الشباب يشاهدون الفرح من على السطح المقابل لهذا المنزل

    وفوجئت بأحد زملائى فى الكلية لا أتذكر اسمه يقف بينهم ويقول لى وهو ميت من الضحك «الله يا دكتور.. سمعنى يا دكتور.. اشجينى يا دكتور.. حلوة أوى الحتة دى يا دكتور.. يا سلام يا دكتور.. عشان خاطر الرقاصة عدها تانى»


    وتوقعت أن المسافة من الإسكندرية للقاهرة ستمنعه من الحضور وإبلاغ أحد ولكنى فى اليوم التالى عندما ذهبت إلى الكلية وجدت أن طلبة كلية الطب ليس لهم حديث سوى هذا الموضوع وطبعا سمعت «تلقيح وكلام زى السم»
    وتردد بأن مصطفى محمود كان يحيى فرحاً بالأمس فى الأنفوشى بالإسكندرية حتى وصلت القصة إلى الدكتور صادق وكنت أحترمه وأقدره



    وهو من أطلق على لقب المشرحجى وطلبنى فى مكتبه ودار بيننا حديث ونقاش طويل يحاول أن يقنعنى بأن هواية عزف الناى شىء جميل ولكن لا يليق بى وأنا على وشك التخرج فى كلية الطب وسأصبح طبيباً أن أحترف العزف فى الأفراح




    ولكنى شرحت له وجهة نظرى فلم يقتنع وخرجت من عنده لأجد الأسطى عبدالعزيز الكمنجاتى يطلبنى لفرح جديد.. ووافقت.. وعزفت بعد ذلك فى أفراح كثيرة.





    انتظروا الحلقة الثالثة بكرة فى نفس المعاد
    "حكايتى مع الموت"







    التعديل الأخير تم بواسطة Spider GirL ; 27-12-2009 الساعة 08:58 PM

  2. #2
    مشرف اخبار المشاهير و الاستاد
    الصورة الرمزية Amino2

    رقم العضوية : 5790
    تاريخ التسجيل : Sep 2009
    المشاركات : 4.341
    شكراً : 0
    تم شكره 7 مرة في 7 مشاركة
    مقالات المدونة : 1
    العمر : 32
    بيانات الاتصال :
    تابعني :
    الحالة : Amino2 غير متواجد حالياً
    تقييم المستوى : 20
    Array

    افتراضي رد: الحلقة الثانية " الهروب من الطفولة" مذكرات الدكتور مصطفى محمود


    ياااااااااااااااا

    انا دماغى لفت من كتير ماقريت الحلقه دى بالذات

    بس على فكره الراجل ده عبقرى بجد

    بصى كان بيعمل كام حاجه

    مبدايا كده من وهو صغير كان بيحب القرايه والاطالاع

    واللى شجعه على كده والده ومعنى كده ان هو

    كان شايف فيه الموهبه
    بعد كده كانوا عاوزينه يدخل الحقوق بس هو اصر وادخل الطب

    كمان مكتفاش بكده دول لقبوه بالمشرحجى عشان

    نسى نفسه فى غرفه التشريح

    وغير كده كمان كان معتقد ان كل حاجه ليها خالص

    يبقى ازاى ربنا مفيش حد خلقه ودى هنا نقطه

    الخلاف اللى بلوم عليه فيها لان فى حاجات مينفعشى نسال فيها

    لا وغير كده كمان كان بيحب الطبيعه والغابات وكان

    نفسه يعيش فيها
    وكمان راح اشتغل عازف مع الاسطى عبد العزيز

    عشان كان بيحب الفن

    ومش ده السبب كمان لكن هو كان سايب نفسه

    لتجارب الحياه

    وعاوز يعرف كل حاجه

    وكمان قصه حبه من وهو صغير مه بنت الجيران

    وياسلام لما اهداها الكتاب وهى ادته الفيل الصغير

    اللعبه

    فرح بيه جدا عشان كان بيحب الحيوانات

    غير كده كمان هو فى الثانويه العامه طلع الاول على

    المدرسه

    وشوفوا اصلا كان بيعمل يه

    ده كان بيروح المدرسه يوم الاجازه

    وعجبتنى اوى كلمه قالها

    اللى هى بتاعه

    الطبيب هو اول من يحضر ميلاد الانسان

    وهو اول الذى يودعه من الحياه

    ياله من رجل عظيم فعلا

    انا عن نفسى متشوق اسمع واشوف قصته كمان

    وكمان

    لان اللى زى الراجل ده مش موجودين دلوقتى

    ده فعلا ردى وتعليقى على كلام الراجل العظيم ده


    شكرا ليكى يا امانى

    وتقبلى مروى وتعليقى


    ومتتاخريش بالحلقه الثالثه

    amino2 محمد

  3. #3
    سنوية عايمة
    الصورة الرمزية مااقدراكون غيرانا

    رقم العضوية : 6342
    تاريخ التسجيل : Nov 2009
    المشاركات : 392
    شكراً : 0
    تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
    الجنس : انثى
    العمر : 48
    بيانات الاتصال :
    تابعني :
    الحالة : مااقدراكون غيرانا غير متواجد حالياً
    تقييم المستوى : 16
    Array

    افتراضي رد: الحلقة الثانية " الهروب من الطفولة" مذكرات الدكتور مصطفى محمود

    رجل مميز من صغرة مختلف عن باقى البشر فى تفكيرة واحلامة

    استمتعت وانا اقرأ قصتة وننتظر البقية

    شكرا لك امانى وبالتوفيق غاليتى.

  4. #4
    عضو شرفي
    الصورة الرمزية Beauty

    رقم العضوية : 4459
    تاريخ التسجيل : Nov 2008
    المشاركات : 1.016
    مزاجي : Brooding
    شكراً : 0
    تم شكره 4 مرة في 4 مشاركة
    الدولة : مملكه نفسى
    الجنس : راجل
    بيانات الاتصال :
    تابعني :
    الحالة : Beauty غير متواجد حالياً
    تقييم المستوى : 18
    Array

    افتراضي رد: الحلقة الثانية " الهروب من الطفولة" مذكرات الدكتور مصطفى محمود

    تحفه طبعا الفكره يا مونى
    عارفه انها متاخره
    بس انا كنت متابعه على المصرى اليوم
    وعندى استعداد اتابع معاكى بردو
    لانى بحب اوى د/ مصطفى جدا
    ومتابعه معاكى ان شاء الله

  5. #5
    I ♥ Egypt
    الصورة الرمزية Spider GirL

    رقم العضوية : 427
    تاريخ التسجيل : Oct 2007
    المشاركات : 10.114
    مزاجي : Cold
    شكراً : 0
    تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
    مقالات المدونة : 3
    الدولة : النيل المصري
    الجنس : ذكر
    العمر : 36
    بيانات الاتصال :
    تابعني :
    الحالة : Spider GirL غير متواجد حالياً
    تقييم المستوى : 10
    Array

    افتراضي رد: الحلقة الثانية " الهروب من الطفولة" مذكرات الدكتور مصطفى محمود

    شكرا محمد ع متابعتك

    شكرا بوسى كتير

    شكرا يسرا بس سيبك بقا من المصرى اليوم وتابعى معايا انا
    اوك؟


 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-08-2009, 09:29 PM

الأعضاء الذين قرأوا هذا الموضوع : 0

الإجراءات : (من قرأ ؟)

لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  


Search Engine Friendly URLs by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc.