- الإهدائات >> |
زارت الحياة قلمي الممدد على فراش الموت ...
لينبض قلبه بضعف مانحا اللسان بضعة كلمات غالية
سألته وهي تريد جوابا ربما لن يتسنا لقطعة الخشب تلك المتهالكة أن تكتبه ثانية
قالت ما معنى: الصمود هنا وانتظار الفوز بأية وسيلة
هل هي شجاعة أم مجرد رغبة عارمة في البقاء؟
انتفض القلم قليلا..تنهد ثم قال بأنفاس لا تكاد تجد طريقها إلى الخارج.رسم ابتسامة ساخرة ونطق
أخيرا
"ظمآن بجانب الغدير..."
"ماذا ؟" قالت الحياة
اتأكأ القلم الهزيل واسترسل بكلمات مكتومة:
" التشبث بشيء لأجل أمر ما يجعل الإنسان الضعيف لا يعي أجسد داس أم جماد.كرجل عطشان رأى
بحيرة ماء فجرى وليس له غاية ولا امل ولا حتى رجاء في هذا الوجود سوى الوصول لتلك القطرات
الشفافة .كل شيء حوله صار ظلال سود .بقعة الضوء الوحيدة هي لمعان مصدر ما للبقاء ....
قد نظن ونحن نجاهد للوصول لغاية أننا حققنا شيئا سنفخر به يوما ولكن سراب ما بنيناه ودخان ما
كان لان الصمود لم يكن لنبل غاية بل كان لتفاهة هدف.كل يوم تكتب أقلام هنا...أقلام شابة وأقلام
هرمة ..أقلام كتبت لأجل الغير وأقلام كتبت...كتبت لاجل غاية ما"
اقتربت الحياة من القلم المهترئ وغمغمت قائلة" هل سيكون له أصدقاء"
"الكثير" رد القلم ولكن أصدقاء من الورق." قد نضحك كثيرا في ليالي التسامر وقد وجدنا حولنا من
يدّعونا حبنا وصداقتنا ولكن ...هل كل ابتسامة شفا صادقة أو هل كل قلم ذكي مخادع له جانب النقاء
والخير؟.تتلاشى دائما أقلام مبدعة وتندثر كلمات جميلة عشقها الكثيرون ونتساءل ما جرى لمن أضاء
أسلوبه قلوب الآخرين يوما.والسبب كان بسيطا جيدا..لأنها اختنقت أمام من بثو دخان نيران المصلحة
وكشروا عن أنياب اليأس عندما رسمت أقلام صالحة جدارا حالت بينهم وبين غاية ما."
اقتربت الحياة أكثر من وجه قلمنا المحتضر وقالت بوجه يملؤه الفضول" ماذا سيحدث للأقلام البريئة؟"
" ستنحسر برغبة منها وتنفض أجنحتها استعدادا للمغادرة..مثلي تمام.بعد كل ما جرى..بعد كل تلك
الأيام ..بعد كل حبري الذي سار على الصفحات..بعد كل شيء........لتبقى الساحة لأقلام صامدة
ومجاهدة لاجل تحقيق غاية لم يسلم من شظايا حادة خلفتها سوى أقلام كتبت لاجل غاية مشابهة"
"هل هي شجاعة أم هي رغبة عارمة للبقاء" سألت الحياة وهي تستمع إلى آخر نبضات القلم وقد علمت
الجواب...
ومع الأنفاس الاخيرة همست قطعة الخشب قائلة" هو إفناء للإبداع وهلاك للجميع"
سكن القلم وسكت لسانه
ليلتحق بمن سبقوه ويُحفظ في درج مكتبة بارد
بانتظار أن يلحقة قلم من سيصل إلى مبتغاه هناك ...قلم هشّم كل الاقلام في طريق الوصول
لهدفه.سيصل لغايته السطحية أجل ولكن...سيرجع للدرج المجمد بخسارة مهينة لانه...
فقد ماهية القلم
للأبد...
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)