- الإهدائات >> |
الحلقة الأولى: الرسالة المجنونة
كأي شاب في مثل عمره الذي اقترب من الثلاثين كان يحلم بأن يكمل نصف دينه بالارتباط
والزواج من فتاة أحلامه وتكوين الأسرة والاستقرار فى حياته، هذا الشاب هو صديقي حازم
، وهو شخص وسيم ، أنيق في ملبسه ، ينتمى إلى الطبقة المتوسطة ، لديه قدر لا بأس به
من الثقافة ويهوي القراءة فى مجال الأدب ومجـالات أخرى ويعمل محاسب بإحدى الشركات،
وهو من سكان مدينة نصر، ينزل من البيت يومياً فى السابعة والنصف حتى يلحق بعمله
الذي يبدأ فى الثامنة صباحا، وفى هذا اليوم تحديداً كان متفائلاً بشكل غير عادى ولا يعرف سبباً لذلك.
أما سارة شخصية رومانسية ذات وجه طفولي، خلوقة ويتميز ملبسها بالعصرية مع
الالتزام بعدم تجاوز حدود الأدب والاحتشام، وأهم ما يميزها كما نقـول نحن المـصـريين
أنها ( ليها طلة حلوة ) أي أنها عندما تدخل إلي المكان تشعر وكأن شيئاً مريحاً أطل
علي ذلك المكان أي أن الاسم علي مسمي، وكأي بنت أيضاً بمثل عمرها فهي
تحلم بفارس الأحلام الذي سيأتي بحصانه الأبيض ليخطفها وينطلق بها إلى سماء
السعادة والحب وليس لديها المانع فى أن تربيه مع أولادها، وهي من سكان منيل الروضة.
كانت الساعة تدق التاسعة صباحاً حينما دخلت سارة إلى المكتب الذى يعمل به حازم حيث كان
منهمكاً فى العمل فألقت بالتحية ولكنه لم يرد وفهمت سارة السبب ،ولأنه كان منهمكاً ويتحدث
مع نفسه بشكل يبعث على الضحك كررت سارة التحية ولكنها هذه المرة غلفت تحيتها بابتسامة
رقيقة، انتبه هذه المرة ورد التحية وبمجرد أن نظر إليها ظل ساكناَ لفترة وكأن على رأسه الطير
ولكنه تدارك الأمر وقال لها: تحت أمر حضرتك؟ أظهرت خطاب التوظيف بنفس الشركة التي يعمل
بها وسألته إلي أين تتجه أولاً ؟ أخذ الخطاب من يدها وألقى عليه نظرة سريعة ثم أرشدها بأن
تذهب وتتسلم عملها بقسم التصميم بالمكتب المجاور له، تناولت منه الخطاب وشكرته
وانصرفت، شعر حازم ساعتها بنشوة لم يعرفها من قبل ولكنه عاد سريعاً للعمل – المذكور
لم تمهله سهام كيوبيد وأصابته النظرة الأولي في مقتل ولكنه لم يدرك ذلك في وقتها – في
الأيام الأولى لم يكن يجمع بينهما سوي السلام عليكم وصباح الخير، وبعدها تطور الأمر إلى
السؤال عن الأخبار في العمل؟ لا أكثر... لا أقل ، حتى هنا والأمور تبدو عادية ولكن غير العادى
هو أنه مع مرور الأيام بدأ حازم يشعر ببوادر أزمة رومانسية قلبية أصابته دون أن يدري
هو نفسه بتطورها واستفحالها.
اكتشف أنه عندما تظهر سارة أمامه يصاب بشيئ من الارتياح ثم بالتدريج تحول هذا الارتياح
إلي نشوة تأخذه إلي مشـاعر رقيقة أو ( حاجات حلوة ) حسب تعبيره وبالرغم من أنه يتصف
بالرومانسية إلا أن رومانسيته هذه لم تأخذ منه الواقعية فى التعامل مع ظروف الحياة ،لذا
فقد فكر بسرعة كيف يمكن له أن يتواصل مع سارة وبدأ ينتهز فرص الحوار القليلة جداً معها
ويطرح موضوعات عامة للمناقشة ويشجعها على التحدث عن نفسها ليتضح له أكثر معالم
شخصيتها، وبعد قرابة الشهرين توسم فيها أن تكون هي فتاة الأحلام التي طالما تمناها لنفسه
وقد كان من الطبيعي أن يظل يفكر بها معظم الوقت، ولم يرد حازم الانتظار كثيراً وأراد
أن يفاتحها في ما يفكر ليتعرفا أكثر إلي بعضهما البعض تمهيداً للارتباط في حال القبول.
وقبل أن يفعل أي شيء سأل عنها بعض من يعرفوها عن قرب فشكروا له فيها وفي أخلاقها
وطيبتها و....و.... إلخ ،حتي أن زميلة لهم بنفس الشركة قالت له بعد ذلك أنها كانت ستشير
عليه بأن يتقدم للارتباط بسارة لأنهما كما تقول ( ولاد حلال وشكلهم لايقين علي بعض ) ولجأ
أخيراً إلى المهندسة إلهام التى تعمل معهم بنفس الشركة والتى كان يعتبرها بمثابة الأخت
الكبيرة له ويثق برأيها، شرح لها حازم ما ينوى عمله ولكنه لا يعرف كيف يفعل فسألها كيف
له أن يفاتحها فى الأمر؟ نظراً لعدم خبرته في تلك الموضوعات فأشارت عليه بأن يطلب منها
اللقاء بعد انتهاء ميعاد العمل ويحدثها فى الأمر ولكنه لم يوافق على هذا الرأي فقد توقع أنها
سترفض ويتعرض هو للإحراج بدون داعى فسكتت قليلاً وقالت: ما رأيك فى أن تبعث لها برسالة
عن طريق بريدك الإلكتروني نظراً لأن كلامك المباشر معها قد يعرضها فعلاً للإحراج والخجل لأنكم
في مكان عمل واحد والموضوع حساس وقد يكون فى حياتها شخص آخر إلي آخر الأسباب التي
مؤداها أن الرسالة هي أحسن الطرق في ظل الظروف الحالية ، اقتنع حازم فوراً بهذا الرأي
وبعد أن صلى الاستخارة أرسل لها رسالة مجنونة أو جريئة جـداً جداً... لكنها تعبر بصدق عما
بداخله، وجاء فيها: .... الرسالة هي موضوع الحلقة الثانية ان شاء الله.
لا والله
انا قلت هقرا الرسالة المجنونة
منتظرة الرسالة بسرعة انا
يلا
الحلقة الثانية : رأيت في عينيك أمى
العزيزة المحترمة / سارة
السلام عليكم ،،،
مطلوب دائماً التمهيد في الأمور الهامة والمصيرية ولكني هنا سأدخل مباشرة في الموضوع
بدون أي تمهيد أو مقدمات وبداية لا أعرف بالضبط ما هو الشعور الذي انتابني في أول مرة
رأيتك فيها ولكني أعرف ما هو تحديداً شعوري الآن نحوك ، إنه بكل صدق ووضوح ... الحب
ـ إندهشي لأني أنا نفسى مندهش من سرعة إحساسي بهذا الشعور نحوك !! ـ ولكنه ليس الحب
كما نعرفه في القصص والروايات، إنه حب من نوع خاص... شيء لا أجد له تسمية حتى هذه
اللحظة، فعندما أراكِ ( وهذا صدقاً ما يحدث ) أشعر أن أمي الصغيرة قد حضرت !! مع أنك لا
تشبهين أمي ولا تسأليني كيف ؟ لأنه ليس لدي تفسير لهذا الشعور الغريب والرائع في نفس
الوقت، وقد يكون اعترافي السريع ضرباً من الجنون أو عدم الإدراك ولكن ما بداخلي أكبر من
أن يستوعبه عقلي وقلبي وأصبر عليه وليكن ما يكون ...
وأرجو ألا تسخري من مشاعري ،فهذا ما أشعر به فعلاً دون أي مبالغة ، الأكثر من ذلك أنني عندما
تخيلت ذات مرة أننا أصبحنا زوجين ( إغفري لي تلك الجرأة ) لم أتذكر ساعتها من المعاني إلا شيء
واحد وهو الاحتواء وبالفعل شعرت أنك ستكوني أمي الصغيرة وأنا طفلك الكبير ، أنكِ طفلتي المدللة
وأنا المسئول الأول والأخير عنك وعن سعادتك وراحتك .. أليس هذا هو الاحتواء في أجمل صوره؟
(ألم أقل لكم أنه رومانسي)؟
وقد تتوصلين مما سبق إلي أنني إنسان رومانسي وحالم ، أؤيدك في ذلك !!! استنتاجك في
محله وأنا أعتز جداً بهذا الجانب من شخصيتي، ولكن بالرغم من ذلك فأنا إنسان يعرف كيف
يتعامل مع الواقع بكل تداعياته وحتى مساوئه وهذا الجانب هو فقط ما يراه الآخرون أما الجانب
الرومانسي فأدخره لمن ستشاركني حياتي وأقتسم معها كل مشاعري الجميلة والسلبية أيضاً
وقد تتساءلين كيف لي أن أحبك وأضع كل هذه التصورات رغم معرفتنا التي لم تتجاوز شهرين
وثلاثة أيام وسبع ساعات ؟؟!! والإجابة بكل بساطة أولا : هذا ما حدث فعلاً وليس لأحد سلطان
علي مشاعره ، ثانياً وهو الأهم: أنه من خلال خبرتي المتواضعة في دنيا الناس رأيت أن
معدنك الأصيل يظهر بوضوح في أرائك وكلماتك وذوقك، كما أنني رأيت فى عينيك حناناً وطيبة
لا أعهدهما إلا نادراً هذه الأيام.
وهذه الشخصية اسمحي لي أن أجتهد قليلاً وأؤكـد لك بإذن الله أن لها مواصفات من قال عنها
النبي (ص) أنها خير متاع الدنيا، أي الزوجة الصالحة التي ستعينني علي ديني ودنياي وأسعد
بها ومعها، التي كلما نظرت إليها سرتني .... التي ستساعدني علي بناء الأسرة التي أحلم بها
التي ستدفعني إلي الخير دائماً، التي سيشكرني أولادي علي أن وفقني الله واخترتها لهم أماً
ويكفيك ذلك حتى لا تصابى بالغرور لا قدر الله،
وقد استخرت الله وقررت بعدها أن أكتب لكِ هذه الرسالة التي أعرف تماماً أنها مجازفة ولكن
كل أمنية غالية لابد لها من مجازفة ولو كانت كبيرة، فحياتنا تنطوي علي مجازفات رغماً عنا
وهناك سبب آخر وجيه في نظري وهو أنني لا أريد أن أعيش في عالم الخيال كثيراً فقد تكون
مجرد أضغاث أحلام لا يكتب لها أن تتحقق لسبب أو لآخر لا أعرفه، وقد تتحقق بإذن الله بموافقتك
علي أن نتعرف ببعضنا البعض بشكل يمكننا من الحكم علي مدي مناسبة كل منا للآخر، لأنني أدرك
أيضاً أن كل ما سبق لا يكفي لإقامة حياة زوجية سعيدة، فنحن علينا أن نجتهد ونأخذ بالأسباب
ولا نعلم ما قد يفاجئنا به القدر، لذا وجبت دراسة الموضوع من كافة جوانبه والتوفيق ليس
إلا من عند الله ( ألم أقل أنه واقعى؟ )، وكم أتمني أن تكوني قد استشعرتِ صدق مشاعري بين
سطور هذه الرسالة وما بين السطور هو بكل صدق أني أحببتك وكأني إخترعت لوناً جديداً من
الحب، لوناً يخصني أنا وحدي لا يشاركني به أحد، ولا أخفيك سراً... رأيت في عينيك أمي !!
وعذراً علي إطلاق العنان لمشاعري بهذا الشكل ولكني لا أستطيع إخفائها أكثر من ذلك وأملي
أن تتفهمي الأمر، وآخر ما أود قوله أنه إذا لم يكن لكِ ارتباط جاد بأي شخص أن تستخيري
الله في هذا الأمر وتقرري وفي حالة عدم الارتياح لن يكون أمامي سوي أن أتمنى لكِ السعادة
مع من يختاره قلبك فكما نقول ( كل شيء نصيب ) وأنا راضٍ أياً كان قرارك فأنت شخصية حقاً
محترمة وتستحقين الأفضل ، ولا ذنب لك في أني أحببتك، وشكراً علي الوقت الذي أمضيتيه
في قراءة هذه الرسالة ( عفواً ) الطويلة، وشكري العميق وما هو فوق الشكر وأبلغ من
كل ذلك بكثير علي المشاعر الجميلة والرائعة التي جعلتيني أشعر بها حتى ولو كانت دون قصد
منك ... وشكراً أيضاً لأني أحتفل بهذا الحب كل يوم وسأظل احتفل، ورجائي الأخير أن تلتمسي
لي العذر إن كنت قد تجاوزت حدود اللياقة أو الأدب أو أي شيئ آخر في أي كلمة من كلمات
هذه الرسالة التي انتهت عند هذه النقطة.
كما قال حازم إنتهت الرسالة – الجريئة - عند هذه النقطة... وكانت لديه ثقة كبيرة بأنها ستوافق
وكان مبرره فى ذلك أن لديه حدس قوى وأنه يحبها بصدق ولن تجد سارة من يحبها ويسعدها أكثر
منه ،فماذا حدث لسارة بعد قراءة هذه الرسالة ؟؟؟ نلتقي في الحلقة الثالثة إن شاء الله ...
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)