- الإهدائات >> |
في القرآن الكريم نداء عميق ، لو تمعنا فيه قليلاً لأدركنا أنه أروع نداء يمكن أن يوجه إلى الإنسان من أجل أن يرتفع فوق مستويات الخوف والحزن
: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ 22. لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ .23)الحديد
إن جل آلامنا ومخاوفنا وأحزاننا ومآسينا تنفجر من إحساس ثقيل مرهق بأن فرصة
ما قد فاتتنا، وبأن فرحة ما ستفوتنا عما قريب. فيسحقنا الندم، وشلنا الحزن عن
الإنطلاق الدائم صوب الأمام، من أجل أن نحظى بمزيد من
الفرص، ونتحقق بمزيد من الانتصارات.
إن الأسى على فوات شيء أو فرصة ما، غلّ ثقيل يأسر
الإنسان ويرتد بوعيه إلى
الماضي لكي يسفح عنه نصبه الدموع ويستل الحسرات دون أو يتاح له أن يخطو
خطوة واحدة من أرضية الحاضر صوب آفاق المستقبل. وإن الفرح الغامربمكسب
وقتي أو نجاح عابر سيعقبه – إن آجلا أو عاجلاً – حزن عميق على انعدام الفرح
وزوال النجاح. ومن ثم سيظل الإنسان في نقطة التمزق بين الأسى والحزن إلى
أن تنصرم سنوات عمره، ولا يشعر بمأساة حياته الشقيّة إلا عندما ينظر وهو في
آخر الدّرب ، إلى أن كلّ أحزانه ومخاوفه عبر حياته جميعاً لم تكن سوى عبث لأنه
سوف لن يأخذ معه إلى الحفرة سوى الفرح الكبير أو الحزن الشامل الذي لا
علاقة له من قريب أوبعيد بهذه الجزيئيات الصغيرة التافهة التي تعترض حياة الإنسان
فإذا ما أفلتت من يديه ملأته أسى وإذا ما تراكمت بين يديه اترعته فرحاً لا يلبث أن
يغور بعد إذ تنكشف له هذه الجزيئيات عن فقاعات لا دوام لها إلا بقدر ما تخدع
الإنسان وتلهو به.
من أجل ذلك ينادينا القرآن ألا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا كي نتجرد عن
الجزيئات الثقيلة ونرتفع عن مستوى الاهتمامات الزائلة. ولا نرنو إلا إلى الفرح الكبير
الأبدي العميق الذي لا يتحدد بماضي أو حاضر أو مستقبل، ولا يتعرض للزوال...
ومن ثم ننطلق بخفة وحيوية، متخلصين من الأثقال والهموم والأحزان لنعبر عن
وجودنا المتوثب الطموح. ونصنع مصائرنا التي تناغينا وتنادينا من بعيد.
إن كثير من الكتاب والفنانين المعاصرين صوروا لنا شقاء الإنسان الذي تشده أثقال
ماضيه وتطارده لعناته. وآخرون كتبوا لنا عن تشاؤمهم العميق أزاء إمكانية تحقق
الفرحالإنساني، وتجاوز مستويات الحزن والخوف. لكن كلمات من القرآن تبين لنا
بوضوح وتركيز كل ما يريده هؤلاء وتزيد عليهم بأن تمنحنا القدرة على التخلص من
أثقال الماضي وتجاوز تجارب الفرح الزائل التي تعقب حسرات ودموعا والنفاذ إلى
المستقبل متخففين متجردين ، يغمرنا الفرح الحقيقي الكلي العميق واليقين بأن
هذه الجزيئيات مكتوبة علينا لكي تعلمنا القدرة على التجاوز والانطلاق . ويوحدنا
نداء الله سبحان الذي يعرف كيف ينشلنا من ليالي حسرتنا وأحزاننا ويقترب بنا من
الفجر الوضاء الذي لا غياب لشمسه لأنها تفجر نورها وأشعتها في القلوب والأرواح.
عن كتاب آفاق قرآنية
د: عماد الدين خليل
لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
صدق الله العظيم
الآيه دى كانت بتهوّن عليّا حاجات كتير أوى
وإتعلمت منها كتير سواء فى لحظات حزن (فشل)
أو فرح .. الحمد لله
شكراً ليك يا Hero على المقال الجميل
شكرا يا كبير على الموضوع الجامد
شكرا جدا يا اسلام على مقالك الجميل ده
إن الأسى على فوات شيء أو فرصة ما، غلّ ثقيل يأسر
الإنسان ويرتد بوعيه إلى الماضي لكي يسفح عنه نصبه الدموع ويستل الحسرات دون أو يتاح له أن يخطو
خطوة واحدة من أرضية الحاضر صوب آفاق المستقبل
.
شكرا ليك على الموضوع
تسلم ايدك
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
الإجراءات : (من قرأ ؟)
لم يشاهد الموضوع أي عضو حتى الأن.
مواقع النشر (المفضلة)