حديث الصمت .. !!
قصة قصيرة بقلم : محمود حسين
أخذت ترشقه بسهام نظراتها المتحسرة .. وهو مشغول عنها بكتابه .. ، يقلب صفحاته من دون تركيز .. ! غير عابئ بوجودها .. لم تؤثر فيه رائحة عطرها الذي أهداه إليها .. لم يكترث بزينتها .. تستنكر صمته كعادتها .. ! تغمض عينيها .. تستقبل رأسها حافة كرسيها .. تداعب أناملها الرقيقة خصلات من شعرها المنسدل على كتفيها .. تعود بها الذكريات إلى أيام الخطوبة .. تتذكر لهفته لرؤيتها .. لحديثها .. لثنائه .. تشعر بنشوى تلك الأيام تدغدغ مشاعرها .. تستمرئ حالة النشوى .. ! تغوص في أعماق ذكرياتها .. ! تزين ثغرها البديع ابتسامة عابرة .. تذكرت يوم اللقاء الأول .. وكيف أنها حين رأته تعلقت عيناها بوجهه .. ! متسائلة في صمت متعجبة : أيعقل هذا ؟! .. إنه هو .. تحملق في ذهول .. إنه هو .. هو الذي رأيته في منامي منذ أيام قليلة .. كان يلاحقني بنظراته في أثناء مسيري .. وأنا أتهرب من تلك النظرات حياءً .. أفقت على سؤاله المستنكر : هل هناك شيء في وجهي ..؟! عاجلته : لا .. لا شيء .. منعني حيائي حينئذ أن أصارحه بتلك الرؤيا العجيبة ، التي قصصتها عليه بعد زواجنا ..
تتابع حديثها في صمت : رأيته وأحببته قبل أن أراه .. !
يسمع حديثها ..!!
تعاتبه ..
يلومها ..
- لم تقدر مشاعري ..
* يجيبها : غيرتك محرقة .. !
- حبك ألهب مشاعري .. !
* غيرتك ناسفة .. !
- حبك تملكني .. فجَّر أحاسيسي ..!
* غيرتك قاتلة .. !
- خفت عليك .. لن أحتمل حرماني منك .. !
* أوصلتنا إلى طريق مسدود ..!
- هناك شعاع نور .. !
* أحببت فيك روحك .. عشقتك ..
- حبك القديم .. !
* كانت زوجتي ..
- مازالت تسكنك .. !! فارقتك .. لم تفارقها .. !
* ماضٍ انتهى .. أخلصت لك ..
ولكن .. أطلقت لغيرتك العنان .. لم تلجميها .. !
- لم أحتمل شرودك .. أراها في عينيك .. ! أسمع كلماتها .. ! أدرك لمساتها ..!
* لم يبق منه سوى ذكرى .. لم أسع يوماً لإحيائها .. صدقتك في حديثي .. ماذا أفعل أكثر من ذلك .. ؟!
- أحببت فيك كل شيء .. حبست عطرك في مسامات جلدي .. أيقظت في أنوثتي .. ولكن .. منعت عنّي كلماتك .. ! همساتك .. ! روحك ..!!
* أنا معك .. !
- أحتاج كل شيء فيك ومنك .. !!
* أرى شعاع النور .. !
يتملكها الأمل .. ! تنظر إلى قلبها الساكن فيه .. تحيطه بيديها .. ينتفض .. ! أصابع حبيبها تلامس خديها .. تفتح عينيها بكسل لذيذ لا تريد فراقه .. ! تنظر في عينيه وقد ملئت بالاعتذار .. تدافعه كلمات طالما اشتاقت إليها ..
يردد في همس : أحبك ...
تردد وقد اغرورقت عيناها : عدْت إليّ حبيبي .. عدت إلى حضنك الدافئ ..