لاتري إسرائيل مانعا في أن تتحدث عن التهدئة وفي ذات الوقت ترسل قواتها لإبادة النساء والأطفال في قطاع غزة, فهي تفعل ذلك دون ان يطرف لها جفن, ودون أن تري تناقضا بين ماتقوله وماتقوم به من مجازر يومية.
وفي كل الأحوال فسوف تمضي إسرائيل علي هذا النهج الدموي طالما أنها تظل طليقة اليدين تفعل مايحلو لها, فليس هناك من كبار العالم الذين يفترض أنهم يسهرون علي سلامته وأمنه واستقراره من يحرك ساكنا تجاه تلك المذابح, وفي أفضل الأحوال فإنهم يقولون إن ماتفعله إسرائيل هو ممارسة طيعية لحقها في الدفاع عن النفس.
وعند مثل هذه العبارات تسقط كل الاعتبارات الإنسانية وكل المواثيق الدولية, فالوضع الإسرائيلي هو وضع خاص لايحتمل التدخل أو الانتقاد دع عنك العقوبات أو المقاطعات المسلطة علي رءوس الآخرين.
فإبادة عائلة مكونة من الأم وأطفالها الأربعة, مثلما حدث صباح أمس في بيت حانون بغزة, يندرج أيضا تحت طائلة الدفاع عن أمن إسرائيل, وقس علي ذلك المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال في الضفة الغربية وغزة.
وفي المقابل ووفقا لملابسات الوضعية الإسرائيلية الخاصة, التي تحميها من العقوبات وحتي مجرد الإذاعات, فإن علي الفلسطينيين ممارسة ضبط النفس حتي وهم يرون أبناءهم ونساءهم يتساقطون أمامهم برصاص إسرائيل, وإلا فإن أي رد فعل عسكري ـ فلسطيني سيتم تصنيفه مباشرة تحت قائمة الأعمال الإرهابية, ليس ذلك فحسب, بل يعد كافيا لحصار الفلسطينيين في غزة وحرمانهم من المواد الغذائية والوقود وكل أسباب الحياة لأنهم تجرأوا وحاولوا بالقليل مما لديهم الرد علي الاعتداءات اليومية الإسرائيلية.
توالي الأحداث والأفعال وردودها بهذه الكيفية لن يسفر سوي عن تعميق المأساة الفلسطينية, ويجعل من التسوية المشنودة أمرا بعيد المنال, وذلك لغياب العدل في تناول مجريات الصراع, وهو أمر ينسحب بالتالي علي آليات المعالجة التي حتما ستكون عرجاء طالما كانت منطلقاتها تفتقر إلي أبجديات النظرة العادلة الموضوعية, وطالما أنها تعامل الجلاد معاملة الضحية.
الجزيرة السعودية
