عيد ميلاد سعيد.. رغم التهديد!
عيد ميلادك..
يوم رائع تشعر فيه بقيمتك عند كل من حولك. تقضي نهاره بين مكالمات الأصدقاء وباقات الورود، وليله في التفكير فيما أنجزته العام الماضي، وما ستنجزه العام القادم.
تفاجأ بأحد أصدقاءك يرفض تلبية دعوتك لحضور حفل عيد ميلادك قائلا: "أما زلت مصراً على هذا العادات الجاهلية. كفانا تقليداً للغرب! الاحتفال بيوم الميلاد بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار"..!!
وقبل أن يفسد عليك الشعور بالذنب هذا اليوم الجميل، لابد أن تعرف الحكم الشرعي الحقيقي لاحتفالك بعيد ميلادك. وهل هو فعلا بدعة كما يدعي صديقك؟!
الحقيقة ...
أن من المشايخ من يرى حرمة الاحتفال بأي مناسبة سوي عيدي الفطر والأضحى. فالرسول لم يحتفل بعيد ميلاده ولا أحد من الصحابة!! ومن أهم القائلين بهذا الرأي الشيخ محمد عبد العزيز بن باز الذي يرى في حكم الاحتفال بأعياد الميلاد أن: "الاحتفال بأعياد الميلاد لا أصل له في الشرع المطهر بل هو بدعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)..ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده مدة حياته، ولا أمر بذلك ولا علمه أصحابه وهكذا خلفاؤه الراشدون"..
ليس بدعة!
وأما بالنسبة لمسألة البدع فلقد علمنا أن كل ما يتعلق بأمور دنيانا لا يدخل تحت طائلة ما نهى عنه رسولنا الكريم. وهذا ما يؤكده لنا الشيخ فيصل مولوي حيث يقول: " أما القول بأنها بدعة فهو صحيح، لكنها بدعة في عادات الناس وهذه البدع لم تحرم عندنا، أما البدعة في الدين فهي المنهي عنها في الحديث الصحيح المشهور، فقياساً على ذلك لا ضير من الإحتفال بذكرى ميلاد أي شخص إذا خلا هذا الاحتفال من أي منكر، والله أعلم".
ويضيف: " وقد جاء في ديننا ما يؤيد فكرة الإحتفال بالمولد، إذا كان على سبيل الشكر لله عزّ وجلّ على ما وهب ورزق وقدر في العمر، ولم يحصل فيه ما يغضب الله عزّ وجلّ. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: "ذلك يوم ولدت فيه"
ويؤكد ذلك الشيخ جعفر أحمد الطلحاوي، من علماء الأزهر الشريف، حيث يقدم لنا الدليل القرآني على أننا لم نبتدع الاحتفال بأعياد الميلاد: " وفي القرآن الكريم حديث لعيسى عليه السلام روح الله وكلمته، وتذكرة ليوم ميلاده، ودعاء إلى الله تعالى ، بالسلام عليه في هذه الأيام الثلاثة"الولادة، الوفاة، البعث" قال تعالى حاكيا عنه عليه السلام: {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا}، ومن مفهوم هذا الدعاء القرآني الوارد عن روح الله وكلمته: لا نرى بأسا بالدعاء بالسلامة والطيب بهذه المناسبة ."
وحتى القائلين بأن النهي عن الاحتفال بمثل هذه الأعياد هو من قبيل عدم التشبه بالنصارى واليهود في فقد رد عليهم الشيخ المولوي بقوله: "وأما الإعتماد على مخالفة اليهود والنصارى وعدم التشبه بالكافرين، فهذا سبيله ما كان خاصاً بدينهم، وعلامة على عقائدهم التي تعتبر في ديننا كفراً، وليس على إطلاقه." . بمعنى أننا يجب أن نخالف غير المسلمين في عباداتهم فقط لا في كل شيء. وإلا كان لزاماً علينا أن ندير ظهورنا لكل منجزات العلم التي يقدمونها لنا، وننغلق على أنفسنا
نحتفل بطريقتنا..
ولكن كيف نحتفل بيوم مولدنا دون أن نكون مقلدين للغرب، ولا مخالفين لله؟ أول وأهم شيء هو ألا يقترن هذا الاحتفال بمعصية لله، كشرب الخمر، أو الاختلاط غير المحسوب بين الجنسين. وثاني شيء أن نكون مدركين ومقتنعين أن يوم مولدنا ليس عيدا بالمعنى الشرعي، أي أنه ليس بديلاً لأعيادنا الدينية.
يبقى بعد ذلك أن نجعل هذا اليوم رائعا من كل الجهات. فلماذا لا نقرنه كل عام بالاحتفال بالمواظبة على طاعة جديدة واقتراب أكثر من الله؟ يعني مثلا هذا العام تحتفل بمواظبتك على صلاة الجماعة في المسجد، والعام القادم تكافئ نفسك على التزامك بالصلاة في الصف الأول.وهكذا لا يمر عام إلا ونحن في تقدم.
وإذا حققنا ذلك نكون قد ضربنا عدة عصافير بحجر واحد: استمتعنا بيوم ميلادنا، وأرضينا ربنا، ورددنا على الرافضين عملياً لا نظرياً..
والله اعلم